س : إن هداية الناس ثمرة لانتشار
العلم الشرعي بين الناس . ولكن من الملاحظ أن الباطل أكثر انتشارا عبر
الصحافة ، وكافة وسائل الإعلام ومناهج التدريس . فما موقف الدعاة
والعلماء من هذا؟ .
ج : هذه واقعة منتشرة في الزمان كله ، وحكمة أرادها الله سبحانه كما قال
تعالى : (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) ويقول
سبحانه : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ)
لكن هذا يختلف : ففي بلاد يكثر وفي بلاد يقل ، وفي قبيلة يكثر ، وفي
قبيلة يقل ، وأما بالنسبة إلى الدنيا فأكثر الخلق على غير الهدى . ولكن
هذا يتفاوت بالنسبة إلى بعض الدول ، وبعض البلاد وبعض القرى ، وبعض
القبائل ، فالواجب على أهل العلم أن ينشطوا ، وألا يكون أهل الباطل أنشط
منهم . بل يجب أن يكونوا أنشط من أهل الباطل ، في إظهار الحق والدعوة
إليه أينما كانوا في الطريق وفي السيارة ، وفي الطائرة وفي المركبة
الفضائية ، وفي البيت ، وفي أي مكان ، عليهم أن ينكروا المنكر بالتي هي
أحسن ، ويعلموا بالتي هي أحسن ، بالأسلوب الطيب والرفق واللين ، يقول
الله عز وجل : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
ويقول سبحانه : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ
كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ويقول النبي
صلى الله عليه وسلم : (أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء
إلا شانه)
فلا يجوز لأهل العلم السكوت وترك الكلام للفاجر والمبتدع والجاهل ، فإن
هذا غلط عظيم ، ومن أسباب انتشار الشر والبدع واختفاء الخير وقلته وخفاء
السنة .
فالواجب على أهل العلم أن يتكلموا بالحق ، ويدعوا إليه ، وأن ينكروا
الباطل ويحذروا منه ، ويجب أن يكون ذلك عن علم وبصيرة كما قال الله عز
وجل : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)
وذلك بعد العناية بأسباب تحصيل العلم ، من دراسة على أهل العلم وسؤالهم
عما أشكل ، وحضور حلقات العلم والإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبره
ومراجعة الأحاديث الصحيحة ، حتى تستفيد وتنشر العلم كما أخذته عن أهله
بالدليل ، مع الإخلاص والنية الصالحة والتواضع ، ويجب أن تحرص على نشر
العلم بكل نشاط وقوة ، وألا يكون أهل الباطل أنشط في باطلهم ، وأن تحرص
على نفع المسلمين في دينهم ودنياهم .
وهذا واجب العلماء شيوخا وشبابا أينما كانوا ، بأن ينشروا الحق بالأدلة
الشرعية ، ويرغبوا الناس فيه ، وينفروهم من الباطل ، ويحذروهم منه ، عملا
بقول الله عز وجل : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) وقوله
سبحانه : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ)
هكذا يكون أهل العلم أينما كانوا يدعون إلى الله ، ويرشدون إلى الخير
وينصحون لله ولعباده بالرفق فيما يأمرون به وفيما ينهون عنه وفيما يدعون
إليه . حتى تنجح دعوتهم ، ويفوز الجميع بالعاقبة الحميدة والسلامة من كيد
الأعداء . والله المستعان .
من ضمن الأسئلة المقدمة لسماحته من جريدة الندوة ونشرت في عددها 11293
الصادر في يوم السبت 15/8/1416هـ.