الشبهات المزعومة حول القرآن الكريم في دائرتي المعارف الإسلامية والبريطانية
الكتاب: الشبهات المزعومة حول القرآن الكريم في دائرتي المعارف الإسلامية
والبريطانية
مقدمة:
(1/1) (2) -
وأما الموسوعة العامة فهي دائرة المعارف البريطانية
Encyclopaedia Britannica،
وهي تتمتع بانتشار واسع في دوائر المثقفين في سائر أرجاء العالم.
(1/2)
الموسوعات
(1/3) وفي كل
مرة يعاد فيها طبع الموسوعة تعاد كتابة موادها لتشتمل على أحدث ما توصل
إليه العلم والمعرفة في كل مادة من هذه المواد، وإضافة مواد جديدة لم
تشتمل عليها الطبعات السابقة.
(1/4) وفي القرن
الماضي ألفت موسوعتان كبيرتان بالعربية هما: "دائرة معارف البستاني" في
أحد عشر مجلداً، و "دائرة معارف القرن العشرين" لمحمد فريد وجدى في عشرة
مجلدات.
(1/5) سنة
1929للقرآن مادة مستقلة تشتمل على ترجمة لكتاب ألماني بعنوان" موجزات
شرقية" نشره المستشرق الألماني تيودور نولدكه (توفي سنة 1930) في برلين
سنة 1892 (1) .
(1/6) ويبدو لي
أن بعض دوائر المعارف المتخصصة، وبخاصة دائرة المعارف الإسلامية، تتوسع
في مقالاتها توسعاً يكاد يخرجها عن كونها مجرد إشارات سريعة تتيح أمام
الباحث المبتدئ مساحة كافية تعينه على تكوين رأي خاص في الموضوع، بل توشك
هذه المقالات أن تكون تقارير شبه كاملة تتضمن الكثير من التقرير والحسم،
قلما يجد الباحث فرصة كافية لكي ينفك من تأثيراتها الغالبة وآرائها شبه
النهائية ويكون لنفسه رأياً خاصاً في موضوعاتها.
(1/7)
منهج
الدراسات الاستشراقية
للقرآن على نحو ما ورد بالموسوعات العالمية
(1/8) وكان نقاد
ما يسمى الكتاب المقدس من العلماء الألمان بخاصة والأوربيين بعامة قد
اعتمدوا في نقدهم للعهد القديم على منهج نقدي أسموه "النقد الأعلى" الذي
يهدف إلى دراسة نصوص ذلك العهد على أنها نصوص تاريخية على الباحث أن يطبق
عليها كل المعايير التي يطبقها على أية نصوص تاريخية أخرى، بصرف النظر عن
أنها نصوص مقدسة (1) . استطاعوا به التوصل إلى عدد من النتائج التي لا
تقبل الجدل، من أهمها:
(1/9) (4) - تم
اكتشاف مصدر أصلي سابق على المصادر المشار إليها في الفقرة السابقة وقد
استعانت به كل هذه المصادر، يتمثل في التراث الشعبي الشفهي الذي يعتمد
على الذاكرة ويتضمن الأحكام والأمثال الشعبية والأساطير (1) .
(1/10) ب- النقد
الأدنى، بمعنى دراسة النص نفسه لتبين التناقض في الأجزاء التشريعية
والقصص وغيرها.
(1/11)
أولا:
الدراسات النقدية العليا "النقد الأعلى"
(1/11) مدى تحقق
شروط العدالة الأخلاقية والضبط العلمي فيه، فإن وجد نقص في أيهما انتفت
الصحة من الرواية.
(1/12) ثانياً:
النقد الأدنى (ويشبه النقد الداخلي في مناهج الدراسة الأدبية) :
(1/12) ب- أن
يذكر الحديث في أكثر من موضع بشكل مختلف من حيث تحديد الزمان والمكان
والعناصر زيادة كانت أو نقصاً.
(1/13)
القرآن
وقواعد النقد الأعلى والأدنى:
(1/13) بدوي
معلقاً على صنيع نولدكه: "فيما يخص الأسلوب، فلو كان مفيداً في التمييز
بين الفترات الطويلة فلن يفيد فيما يتعلق بالتمييز بين التتابع التاريخي
للسور في فترة قصيرة في الواقع أن كل الفترة المكية لا توفّي إلا 12 سنة
من 610 –622م، فبأي حق ندعي إذاً التمييز بين أسلوب كاتب خلال 12 سنة
فقط؟ ناهيك عن استطاعتنا التمييز في تلك الفترة بين ثلاث فترات قصيرة"
ويختم بدوي قوله: "إنه من الشطط - إن لم يكن من الكذب - أن نزعم
استطاعتنا ترتيب السور تاريخياً في الفترة المكية حسب الأسلوب (1) .
(1/14) تحصر داخل
إطار زمني أو مكاني، ولكن كل لحظة تعرض نفسها بشكل كلي مطلق" (1) .
(1/15) وحياً
إلهياً وكتاباً منزلاً من عند الله بل باعتباره نصاً تاريخياً من صنع
بشر، ومن تأليف محمد صلى الله عليه وسلم، فمنهج النقد الأعلى والأدنى إن
صح تطبيقه في دراسة العهدين القديم والحديث مما يسمى الكتاب المقدس، بل
وفي سائر النصوص التاريخية التي هي نصوص بشرية، فلا يصح تطبيق معاييره
على نص ينتمي إلى مجال آخر وميدان مختلف غير المجال البشري المحدود. ومن
هنا يتبين لنا فساد المنهج الذي يطبقه المستشرقون في دراساتهم القرآنية
من حيث المبدأ.
(1/16) ولست أشك
في أن إصرارهم على نفي صفة "كلام الله" عن القرآن الكريم من حيث المبدأ
هو الأمر الذي أوقعهم في سلسلة الأخطاء التي ارتكبوها في سائر كتاباتهم
والتي حاول المتأخرون منهم التماس الأعذار فيها للمتقدمين (1) ، والمآزق
العلمية والمنهجية التي أوقعوا أنفسهم فيها ولم يجدوا منها مخرجاً (2) ،
والجرأة والتبجح والتعالم بالتقول على أسلوب القرآن حتى قال أحد الباحثين
العرب (3) : فمن أين لأعجمي ادعاء أن القرآن فيه ركاكة في اللغة. هذا
القرآن الذي أصبح فيما بعد مقياس اللغة العربية. إلى أن يرث الله الأرض
من وعليها، فلو أني اتهمت أسلوب جوته الشاعر الألماني بالركاكة لسخر
الناس مني، رغم إلمامي باللغة الألمانية، وإجادتي لها لدرجة التأليف بها،
فكيف بمستشرق يفهم العربية باستعمال القواميس. إلخ؟
(1/17) ذلك لأنهم
نفوا هذا الفرض تماماً ونحوه بعيداً، فلم يشيروا إليه من قريب أو بعيد
إلا على سبيل التوهين والاستهزاء، لكن هذا الفرض ظل حاضراً في أذهانهم
دائماً لأن كل جهدهم (العلمي!!) كان منصرفاً إلى البرهنة على نقيضه،
ومباركة كل محاولة تبذل للزعم بأنه من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم.
(1/18) بالقرآن
من غيب كالمسائل: الألوهية (1) والوحي والملائكة واليوم الآخر والجنة
والنار، وما يخرج عن نطاق التاريخ الإنساني المدون. إلخ.
(1/19) الديمومة
والخلود (كما لاحظ المستشرق آربرى في تصريحه السابق في ص 10-11) وقد أدت
بهم هذه النظرة إلى الفشل الذريع الذي منيت به محاولاتهم المتكررة لتقييد
النص القرآني بقيود تاريخية وترتيبه حسب الزمان (1) .
(1/20) هذا
الاتجاه (1) . والملاحظ هنا أن ما يتشبث به المستشرقون من "وحدة الموضوع"
في السور لا يتصل من قريب أو بعيد بمسألة " النظم " القرآني وترتيب
الآيات ترتيباً توقيفياً لا شبهة فيه (2) . فهذا الترتيب يعد من أبرز
دلائل الإعجاز في القرآن الكريم، وهو "من عمل الوحي يقيناً" (3) .
(1/21) (9) -
وطالما أنه نص من صنع بشر – كما يزعمون - والبشر لابد له أن يستقي أفكاره
وتصوراته من مصادر بعينها، فإنه لابد من رد هذه التصورات التي أطلقوا
عليها "غرائب تثير الدهشة" و "أساطير" مما ليس له وجود في التوراة
والإنجيل والبيئة العربية قبل نزول القرآن إلى روايات من قصص تقليدية
توجد في ثقافات الشرق الأدنى، وقد عدّلت لتتطابق مع النظرة العالمية
وتعاليم القرآن (1) . ويضربون لذلك أمثلة لا يمكن إن لم يكن من المستحيل
– التأكد بأن لها أصولاً في ثقافات الشرق القديم، لأن البحث في تلك
الثقافات لم يرق إلى درجة اليقين بما كانت تشتمل عليه من تصورات وأفكار.
(1/22) ونسأله:
أي طوفان يكون إذاً طوفان نوح؟ فلا يحير جواباً بعد هذه العبارة ولا يقدم
دليلاً.
(1/23) الشبهات
الواردة في الموسوعتين: الإسلامية والبريطانية: تحليل ونقد
(1/24) ج– الحروف
الغامضة (يعني حروف المقطعات) .
(1/25) (8) -
القرآن في حياة المسلمين وفكرهم.
(1/26) علينا
الآن أن نتتبع كاتب المادة بدقة في الفصلين الأولين - نموذجاً لسائر ما
كتبه في المقال - وهما: أصل الكلمة ومرادفاتها، محمد صلى الله عليه وسلم
والقرآن، لنعرف إلى أي حد كان الكاتب ملتزماً بقواعد منهج النقد الأعلى
والأدنى الذي جعله معياراً لعمله ومناطاً لجهده في البحث والدرس (1) .
(1/27)
أصل الكلمة
ومرادفاتها:
(1/27) وهي نفس
المادة العربية التي اشتقت منها كلمة القرآن. وآثر الكاتب أن يقحم الرأي
المتعسف الذي افتراه المستشرق الألماني شفالي ومن سار على دربه من
المستشرقين بأن الكلمة منحدرة من المصادر النصرانية السريانية، (معتمداً
على مخطوطة سريانية من القرن السادس موجودة بالمتحف البريطاني) وهي
المصادر التي لا يمكن لأحد أن يأتي بدليل على ظهورها وتأثيرها عند نزول
القرآن الكريم.
(1/28) كما يعرض
للفظ"مثاني" فينقل ما قاله بعض المستشرقين من أنها مشتقة من "مشنا"
العبرية، وبعضهم الآخر من "ماثنيتكا" السريانية أو الآرامية، لكن اللفظ
كما يؤكد كاتب المقال - لابد أن يكون متأثراً بـ "ثنى" العربية، بمعنى
أعاد وكرر.
(1/29) استدراج
للقارئ وتمهيد لإقناعه بأن القرآن هو من اختراع محمد وتأليفه، وأنه قد
تعلم هذه الألفاظ من اليهود والنصارى.
(1/30) ويمكن أن
تكون هذه الألفاظ قد وجدت في العربية قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم
بوقت طويل واستقرت في اللغة العربية حتى أصبحت جزءاً منها وصارت من
مفرداتها التي يروج استخدامها بين العرب.
(1/31) (2)
محمد والقرآن:
(1/31) ويبدأ
الكاتب في عرض نصوص من القرآن الكريم لبيان العلاقة التي تربط بين أطراف
القضية الثلاثة: المتكلم، والوسيط، والمتلقي، استناداً إلى منهج " النقد
الأعلى والأدنى" الذي يعمد إلى تحليل هذه النصوص وربط بعضها ببعض ربطاً
تاريخياً، وسوف نتتبع الكاتب في هذا العرض ونتقصَّى ما ذهب إليه، فإن كان
مشتملاً على حقائق علمية ثابتة أيدناها ووافقناها، خدمة للكتاب العزيز،
وإن جاء متضمناً غير ذلك بيناً وجه الخطأ فيه، وحاولنا قدر استطاعتنا
الإبانة عن الحق والصواب بالبينة والبرهان.
(1/32) تعالى:
{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا
سَوَّاهَا} فهذه وغيرها كلها إشارات إلى الخالق المعبود وصنعه في الكون
وفي النفس البشرية.
(1/33) فيزعم أن
هذا الطرف كان غامضاً في الفترة المكية المبكرة، لأن السور التي تنتمي
لتلك الفترة لم تحدده أو تعينه بوضوح.
(1/34) ب-
الوسيط:
(1/35) ومن ثم
فليس هناك تناقض ولا تعارض بين الآيات المبكرة والمتأخرة كما يزعم
الكاتب، الذي يحاول هنا أن يشكك في دور جبريل عليه السلام، الطرف الثاني
من القضية.
(1/36)
لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} .
الآية إلا حين سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن صاحبه الذي ينزل
عليه بالوحي قال: جبريل. قالوا: فإنه عدو لنا ولا يأتي إلا بالحرب والشدة
والقتال، فنزلت الآية.
(1/37) ج-
المتلقي:
(1/38) لسان الذي
يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين"وتبدو التهمة هنا أيضاً غير
منكورة. وهنا إصرار على أن الصياغة الحقيقية للقرآن لا تأتي من المعلم.
(1/39) ونحن
بدورنا نقول للكاتب ولغيره ممن يزعم هذا الزعم: قل لنا ما اسم هذا
المعلم؟ ومن الذي رآه وسمعه؟ وماذا سمع منه؟ ومتى كان ذلك؟ وأين كان؟ (1)
.
(1/40) إنزال
الكتب من السماء، وقريش والعرب قاطبة كانوا ينكرون إرسال محمد صلى الله
عليه وسلم لأنه من البشر" (1) .
(1/41) عن طريق
مقارنة المعاني والألفاظ بعضها ببعض أن يصرف النظر ويتغاضى عن هذه النصوص
التي تعين الباحث عن الحق على الوصول إليه من أقرب طريق ولا سيما وأنه قد
قرأ هذه النصوص نفسها ويستشهد بها بعد قليل.
(1/42) محمداً
يتلقى قصصاً ومعلومات أخرى من معلمين مختلفين، بمن فيهم اليهود والنصارى،
ثم إنه في لحظات الوحي ينقح المادة، ويحيلها على صيغتها القرآنية. ومثل
هذا الرأي، مع أنه يخالف المعتقد المألوف اليوم لا يتضارب مع بعض الأخبار
الموجودة في مجموعات "الحديث" وغيرها من المصادر الإسلامية المبكرة".
(1/43) نُؤْمِنَ
لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} ... {أَوْ
تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ
عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ} الآية. وهذه الآيات الكريمة تبين
الاقتراحات التي عرضها كفار قريش على النبي صلى الله عليه وسلم ومنها،
كما أخرجه ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما اقتراح عبد الله
ابن أبي أمية المخزومي: "فو الله لا أؤمن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء
سلماً ثم ترقى فيه حتى تأتيها وتأتي معك بصحيفة منشورة، ومعك أربعة من
الملائكة. إلخ " (1) .
(1/44) ويستمر
الكاتب في أغاليطه موهماً قارئه بأنه يسوق من الأسباب المنطقية المستخرجة
من تحليل النص القرآني ما يبرهن على أن القرآن إنما هو من عند محمد صلى
الله عليه وسلم، فيزعم أن المسلمين شكوا بأنه ليس لديهم كتاب مقدس كالذي
عند اليهود والنصارى، مشيراً إلى الآية الكريمة من سورة الأنعام (156) :
{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ
قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا
لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ..}
الآية.
(1/45) ومع أن
الآيات التي أشار إليها الكاتب من سورة الأنعام قد نزلت بمكة، وأن الخطاب
فيها " لأهل مكة " (1) فإنه يريد أن يبين أن هذه الشكوى المزعومة قد تمت
بالمدينة وأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد استجاب لأتباعه الذين تلاقت
إراداتهم مع إراداته بإنشاء مجتمع إسلامي متميز بالمدينة، يقول الكاتب"
إن إنشاء مجتمع إسلامي مستقل بالمدينة متميز عن أهل الكتاب كان مرهوناً
بالإتيان بكتاب إسلامي مقدس منفصل، يؤدي دوره كفرقان لتثبيت حقيقة الكتب
المقدسة السابقة (3:3، 105:4، 48:5إلخ) .
(1/46) يقول
الكاتب: "وهذا من شأنه أن يبرهن على أن محمداً بدأ في جمع كتاب مقدس
مكتوب في السنوات المبكرة من الفترة المدنية لكن مسؤوليات قيادة المجتمع
المسلم السريع النمو أجبرته على أن يترك هذه المهمة دون إتمامها. (انظر
Bell - Watt)
.
(1/47) ثم إن
الكاتب يخلط - ربما عن عمد - بين كتابة الوحي وجمع القرآن، فعند وفاة
الرسول صلى الله عليه وسلم كان القرآن كله مكتوباً كما كان محفوظاً في
صدور المؤمنين، يدل على ذلك التقرير المفصل الذي أورده البخاري عن زيد بن
ثابت رضي الله عنه والذي يقول فيه. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف
وصدور الرجال" وعلى أن الجمع كان بمنزلة تحر في الحفظ والصيانة (1) لا
كما زعم المستشرقون أن القرآن لم يكن مكتوباً في عهد الرسول صلى الله
عليه وسلم.
(1/48) في الوحي:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا
إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ
اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} .
(1/49) الكتاب،
وإنما هو قد أنسي آيات تتضمن أحكاماً وأوتي آيات خيراً منها، أما نسيان
الرسول صلى الله عليه وسلم - باعتباره بشراً يصيبه النسيان - فقد ضمن
الله تعالى أن ينحيه عن الوحي منذ الوهلة الأولى في السور المبكرة
بالفترة المكية، يقول تعالى في سورة الأعلى (سنقرئك فلا تنسى) (1) .
(1/50) أهمية
بالغة في الشريعة الإسلامية حيث تتوقف على هذه المعرفة قرارات علمية ذات
أهمية قصوى في مسار الحياة العملية للمسلمين (1) فالنسخ أمر مقرر ومعترف
به في علوم القرآن لكن مناطه بيد الله سبحانه وتعالى، ولا ينسب إلى نسيان
الرسول صلى الله عليه وسلم بحال من الأحوال.
(1/51) ما يلقى
الشيطان" وسمى القصة المذكورة " الآيات الشيطانية "Satanic
Verses"، وقد اتخذ
سلمان رشدي – الكاتب البريطاني الذي لازال ينسب نفسه إلى الإسلام – من
هذه التسمية عنواناً لروايته التي أثارت اشمئزاز المسلمين ونفورهم في
العالم بأسره.
(1/52)
ثانيا: شبهات
في دائرة المعارف البريطانية
(1/53) الرئيسية
التي ركز عليها الكاتب وأراد بها أن يشكك في القرآن الكريم ويطعن في
الرسول صلى الله عليه وسلم كما أراد أن يسفه بها كل المقولات القائمة على
"الغيب" عدا ما كان منها يشبه شيئاً مما جاء في الكتب المقدسة عند اليهود
والنصارى.
(1/54)
أولا: تشويه
صورة السلام والقدح في تفرده وأصالته وتقديمه على أنه صورة مشوهة للتراث
اليهودي والنصراني
(1/54) (2) -
يقول: وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأنبياء المشار إليهم (في القرآن) إنما
هم شخصيات الكتاب المقدس: نوح، موسى، إبراهيم، المسيح، بينما نجد أنبياء
آخرين قد استمدوا من روايات عربية وطنية: هود وصالح (كذا؟) (1) ، ونقول
إذا كان هناك تشابه بين القرآن والتوراة والإنجيل فهذا أمر طبيعي لأن
المصدر واحد وهو الوحي، أما التناقض فيرجع إلى تحريف اليهود والنصارى
للوحي المنزل على موسى وعيسى (2) .
(1/55) كما يناقض
كل منطق مقول في العقل، فوجود إبراهيم إنما كان سابقاً على اليهودية، وقد
جاء في القرآن الكريم {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي
إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْأِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ
بَعْدِهِ} ... {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً
وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً} (آل عمران: 65-67) .
(1/56) ثانياً:
التعمية على مبدإ عالمية الإسلام.
(1/56) لليهود
والنصرانية، وقد سبق لنا أن رددنا على هذا الزعم (1) ، غير أنا نضيف أن
الكاتب بحرصه على إبراز هذه المقولة يريد التعمية على قارئه فيسلب رسالة
الإسلام واحدة من أهم خصائصها وهي أنها رسالة عالمية لكل الناس، ويجعلها
خاصة بالعرب وحدهم.
(1/57)
ثالثا: موقف
القرآن من حرية الإدارة الإنسانية
(1/57) ويستدرك
الكاتب على ذلك قائلاً:
(1/58) رابعاً:
الأخذ بمقولات الفكر المادي في رد ما ورد بالقرآن الكريم
(1/58) نوعاً من
العبارة التخيلية دون رؤية مصاحبة. والاصطلاح الثالث يلمّح إلى ملك من
الملائكة، لكن دون إشارة إلى اسم جبريل (1) .
(1/59) خامساً:
بث بذور الشك في أهم الأسس التي يمكن للقارئ أن يقيم عليها تصورا فكرياً
محدداً عن الإسلام.
(1/59) يحاول
زعزعة ثقة قارئه في أحد أهم مصادر الجمع وأكثرها ضبطاً وهي"الحفظ" فيقرنه
عامداً باصطلاح "الذاكرة والتذكر" وما يمكن أن يشوبه من خطأ ونسيان وفق
مذاهب الاتصال الحديثة.
(1/60) تلك
الحروف مثله. يطرح الكاتب مجموعة احتمالات لتفسير هذه الحروف بقوله: ولم
تفسّر معانيها تفسيراً مرضياً، ويظن أنها ربما كانت تدل على كلمة مختصرة،
أو تشتمل على مجموعات معينة من السور، ثم يفتري الكاتب فرية كبرى بذكر
احتمال آخر بقوله: " أو هي ذات مغزى سحري (magical
significance) .
(1/61)
خاتمة:
(1/62) ومن ثم
كان تطبيق هذا المنهج فاسداً إذا ألزمهم من حيث المبدأ النظر إلى كتاب
الله العزيز على أنه من صنع بشر، ففسدت النتائج التي توصلوا إليها بفساد
المقدمة.
(1/63)
مصادر ومراجع
(1/64) 10- عبد
الوهاب المسيري (الدكتور) : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، طبع مصر
1999.
(1/65) ثانياً:
الكتب الإنجليزية:
(1/66)
|
|