السنة النبوية وحي خليل خاطر
الكتاب: السنة النبوية وحي المقدمة
(1/1) الأنبياء
نبي إلا أُعطي مِن الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي
أُتيتُه وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكونَ أكثرَهم تابعاً يوم
القيامة " متفق عليه (1) .
(1/2) وتعالى
بذلك. والنبيُّ المصطفى الكريمُ صلى الله عليه وسلم هو رسول الله صلى
الله عليه وسلم (- والرسولُ من مرسِله، لأنه يبلِّغ عنه ما يريد -
والرسالةُ قد تكون مختومةً ليس له إلا تبليغها بعبارتها ولفظها، وقد تكون
شفاهاً يبلغها بعبارته، لأنه مؤتمن. لذا فما كان من القسم الأول فهو:
وحيُ القرآن، وما كان من القسم الثاني فهو: وحيُ السنة. والله تعالى
أعلم.
(1/3) - صلى
الله عليه وسلم - بأمر الله، فكان وحياً إليه.
(1/4) ثم قال:
والقرآن والخبرُ الصحيح بعضُهما مضافٌ إلى بعض، وهما شيءٌ واحد في أنهما
من عند الله تعالى، وحكمهما حكمٌ واحد، ... ثم قال: أخبر تعالى - كما
قدمنا - أن كلامَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم كلَّه وحيٌ، والوحيُ بلا
خلاف ذِكْرٌ، والذكرُ محفوظٌ بنص القرآن، ... إلخ
(1/5) بالمعنى،
لأن جبريل أدّاه بالمعنى، ولم تجز القراءة بالمعنى، لأن جبريل أدّاه
باللفظ، ولم يُبح له إيحاءَه بالمعنى.
(1/6) ويحوي
الفصل الثالث: الأدلة من السنة النبوية.
(1/7) الفصل
الأول: بين النبوة والوحي
(1/9) أولاً -
تعريف الوحي:
(1/9) كقولِه
تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} [سورة القصص: 7]
(1/10) ثانياً -
أنواع الوحي:
(1/10) لقد حصرها
الله تعالى في ثلاثِ حالات، وهي ترجع إلى حالتين:
(1/11) ج- أن
ينفث في الرُّوع، وذلك بأن ينفث روحُ القدس في رُوع النبيِّ المصطفى
الكريم صلى الله عليه وسلم.
(1/12) ثالثاً -
ثبوت النبوة بالوحي:
(1/12) على نبينا
وعليهم الصلاة والسلام. كما قد يكون في الوقت الواحد أكثرُ من نبيٍّ، ولو
في القرية الواحدة، ... كما قد يكون أكثر من رسول أيضاً.
(1/13) وقال الله
جل شأنه عن سيد البشر عليه وآله الصلاة والسلام: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف: 110]
(1/14) رابعاً -
ليس كل الوحي مكتوباً:
(1/14)
تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} إلى قوله
تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا
احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ
سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا
قَلِيلٌ} إلى قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ
ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ
الْحَاكِمِينَ، قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ
عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي
أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا
تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ، قِيلَ يَا نُوحُ
اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ
مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ
أَلِيمٌ} ثم يقول الله تبارك وتعالى في خاتمة الآيات لنبيه المصطفى
الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ
نُوحِيهَا إِلَيْكَ} [هود: 36 – 49]
(1/15) المثال
الثاني:
(1/16) يضاف إلى
هذا: أن التوراة نزلت جملةً واحدةً، وليس فيها إلا ما هو مسطور، وأما ما
يقع بعدها من حوادث فتحتاج إلى جوابٍ جديدٍ. وهذا الخطاب هو وحيٌ غير
مسطور ولا متلوٍّ.
(1/17)
الفصل
الثاني: الأدلة من القرآن الكريم
(1/19) 2- قال
تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو
عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129] في
أربع آيات كريمات، تكرَّرَ فيها عطفُ الحكمة على الكتاب (1) .
(1/20) منزَّلان
متلوان، ولا يكون ذلك إلا للوحي. وإن كان تلاوةُ الكتاب الكريم غيرَ
تلاوة الحكمة. والله تعالى أعلم.
(1/21) ذلك، كما
أنه تعالى هو المتكفِّل بتفهيم تلك الآيات ومناسباتها له صلى الله عليه
وسلم، ويوضِّح ذلك:
(1/22) - فإن كان
قرآناً افتقر هو الآخر إلى بيان آخر أيضاً، وهكذا يحتاج القرآن إلى قرآن
تالٍ ليبيِّنه، ... ويكون التسلسل.
(1/23) 4 - بيان
الأحكام الشرعية.
(1/24) وفي
الزكاة: جاءت الآية مجملة {وءاتوا الزكاة} فجاءت السنة النبوية الشريفة
لتحدِّد الأموال التي تخرج فيها الزكاة؛ من النقدين، والأنعام، والخارج
من الأرض، وأحكامَ الركاز، وتحديد الحول، والنصاب، ومقدار الزكاة؛ ففي
الإبل: في خمس شاة، ... وفي الغنم: في الأربعين شاة، ... وفي البقر: في
الثلاثين تبيع أو تبيعة، ... وفي الفضة: في كل مائتي درهم، ... وفي
الذهب: في العشرين مثقال، وكلاهما ربع العشر.
(1/25) والمبيت
في منى ليالي أيام التشريق، ... وما مبطلات الحج، وما يلزم فيه الدم، وما
لا، ... إلخ كل ذلك جاءت به السنة النبوية الشريفة.
(1/26)
الثاني: أدلة
جزئية
(1/27) قال الله
عز وجل: {وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ
فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ} [يونس:20]
(1/28) وعن حذيفة
بن اليمان رضي الله تعالى عنهما قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم مقاماً، ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدَّث
به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه
الشيء قد نسيتُه، فأراه، فأذكره، كما يذكر الرجلُ وجهَ الرجل إذا غاب
عنه، ثم إذا رآه عرفه". متفق عليه، واللفظ لمسلم (1) .
(1/29) - وهو بدء
الخليقة - والقادم البعيد - وهو حتى يدخل أهل الجنة منازلهَم، وأهلُ
النار منازلهم - كما ذكر ما بين هذين الزمنين من حوادث وأخبار مهمة، ...
ووقائع،.. وكل ذلك داخل في قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ
رَسُولًٍ} ولاسيما أن المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي
- أُمِّيٌّ؛ لم ولن يقرأ، ولم يكتب، ولا يكون ذلك له، ولم يَطَّلع على
كتب الأقدمين (1) إنما هو مِن أنباء الغيب الذي يوحيه الله تعالى إليه،
ولهذا تكرر قوله عز وجل: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ
إِلَيْكَ} [آل عمران:44، ويوسف 108]
(1/30) وعده
تعالى به، حتى سقط رداؤه عن كتفيه من شدة إلحاحه في الدعاء، فخرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم من الخيمة وهو يثب في الدرع، وهو يقول:
{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}
(1/31) وعن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُرينا
مصارعَ أهل بدرٍ بالأمس. يقول: "هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله" قال عمر
رضي الله تعالى عنه: فوالذي بعثه بالحق ما أخطؤوا الحدودَ التي حدَّ رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ... رواه مسلم (1) .
(1/32)
الفصل
الثالث: الأدلة من السنة النبوية
(1/33) وما جاء
بلفظ الاشتراط، وما جاء بلفظ الانتداب، وما جاء بلفظ التجاوز، وما جاء
بلفظ النفث في الرُّوع، وما جاء بلفظ البعثة، وما جاء بلفظ الجعل، وما
جاء بلفظ الاستئذان، وما جاء بلفظ الإخبار، وما جاء بلفظ العَجَب، وما
جاء بلفظ الإبدال، وما جاء بلفظ الكفالة، وما جاء بلفظ الضمان، وما جاء
بلفظ القَسَم على بعض الأمور، وما جاء بلفظ التصديق، وما جاء بلفظ العذر،
وما جاء بلفظ الكتابة، وما جاء بلفظ الوجوب، وما جاء بلفظ الدخول في
الجنة أو النار، وما جاء بلفظ السؤال، وما جاء بلفظ القضاء، وما جاء بلفظ
العرض، وما جاء بلفظ التوكيل، وما جاء بلفظ القسْم، وما جاء بلفظ
الإمداد، وما جاء بلفظ الإحداث، وما جاء بلفظ الرضا، ... إلخ.
(1/34) أو لبعضهم
بعده صلى الله عليه وسلم، وعن قرنه وفضل أهله ومدة بقائهم، وإخباره صلى
الله عليه وسلم عن المدينة النبوية وحرمها وأهلها ومكانتها وأحوالها
وصفاتها وما يكون فيها، وعن مكة المكرمة وحرمها ومكانتها وأحوالها
وأهلها، وعن الغيوب المستقبلة، والأمور البعيدة القادمة، وعن الفتن
والملاحم، والحروب الحاصلة بين الأمم، أو بين المسلمين أنفسهم، وإخباره
صلى الله عليه وسلم عن الشهداء ومكانتهم وأحوالهم وأنواعهم، وعن أشراط
الساعة بنوعيها الكبرى والصغرى وما ظهر منها وما لم يظهر، وإخباره صلى
الله عليه وسلم عن الكائنات في زمانه؛ فوقعت كما أخبر، سواء كان حصولها
في زمانه أو بعده ... إلخ
(1/35) يُقضى به
بين الناس يومَ القيامة، وعن يوم القيامة وأحوالها وشدتها، وما فيها من
الحوض والكوثر والصراط، ... وعن عَرض الجنة والنار عليه صلى الله عليه
وسلم، وما رأى فيهما، وعن أول من يُدعى إلى الجنة، وأول من يدخلها، وما
شعار المؤمنين يومئذ يوم العرض، وإخباره صلى الله عليه وسلم عن الرَّحِم
ومكانتها، وعن أحوال بعض الناس، وعن الرحمة وأقسامها، وعن بعض الحيوانات
ما يُقتل منها وما لا يُقتل، وعن الجمادات والتفريق بينها، والتفريق بين
قِطَع الأرض والمدن والبلاد، وبيان الثواب والأجر على الأعمال؛ من صلاة
وصيام ووضوء وحج وقتلِ حيوانٍ معينٍ، ... ومن الأذكار، وإخباره صلى الله
عليه وسلم عن العقوبات على من فرَّط في الطاعات، وعلى إطلاع الله تعالى
له عما يفعله أو يقوله المشركون أو المنافقون، وعن مكايد اليهود وغدرهم،
وعن عطف لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم على لفظ الجلالة في حصول أمر
معين، وأنه صلى الله عليه وسلم أُوتي القرآن ومثله معه، ... إلخ
(1/36) ثانياً:
ذكر بعض الأمثلة من الحديث على وحي السنة النبوية:
(1/36) أ - كل ما
ورد بلفظ الوحي: |