السنة النبوية ومكانتها با جمعان
الكتاب: السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع الإسلامي ومكانتها من حيث
الإحتجاج والعمل المقدمة:
(1/1) لذلك كانت
السنة مكملة للقرآن ومفسرة له؛ وهي بهذا المعنى المصدر الثاني للتشريع
الإسلامي، ولكنها من حيث الاحتجاج والعمل بها فهي مثل القرآن الكريم، كما
سنرى في هذا البحث.
(1/2) الفصل
الثاني: مرتبة السنة النبوية في التشريع الإسلامي: في تمهيد ومبحثين.
(1/3) المطلب
الأول: السنة كالقرآن من حيث وجوب العمل بها.
(1/4)
تمهيد في
التعريف بمعاني السنة حسب اللغة والاصطلاح، وما تطلق عليه من المعاني
(1/5)
المبحث
الأول: تعريف السنة في اللغة، وبيان المعاني التي تطلق عليها:
(1/6)
المطلب
الثاني: بيان المعاني التي تطلق عليها السنة:
(1/7)
المبحث
الثاني: تعريف السنة في الاصطلاح:
(1/8) ثم بعد
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، اتسع هذا المصطلح حتى أصبح بعد ظهور علم
مصطلح الحديث، يطلق معنى الحديث على: "ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه
وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفةً" (1) .
(1/9) النبي صلى
الله عليه وسلم، غير القرآن الكريم، من قول، أو فعل، أو تقرير (1) ، مما
يصلح أن يكون دليلاً لحكم شرعي" (2) .
(1/10)
المطلب
الثاني: مفهوم السنة في القرون الأولى:
(1/10) الذي يميز
ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن غيرهم، ولهذا أطلق
عليهم اسم أهل السنة والجماعة. وقد أُلِّفت الكتب باسم السنة لبيان أصول
الدين ومسائل الاعتقاد، وساد هذا الاصطلاح في القرن الثالث الهجري. ومن
الكتب التي أُلِّفت في ذلك: السنة للإمام أحمد، وصريح السنة لأبي جعفر
محمد بن جرير الطبري، والسنة لابن أبي عاصم الضحاك، وكتاب شرح أصول
اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي وغيرهم (1) . ولذا عرَّف علماء
العقيدة السنة بأن المراد بها: "الطريقة التي كان عليها رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأصحابه قبل ظهور البدع والمقالات" (2) . وعرفها ناصر
العقل -من الجانب العقدي- بقوله: "الهدي الذي كان عليه الرسول صلى الله
عليه وسلم وأصحابه، علماً واعتقاداً وقولاً وعملاً، وهي السنة التي يجب
اتباعها، ويحمد أهلها، ويذم من خالفها" (3) .
(1/11) وليس
بإمام في الحديث، ومنهم من هو إمام في الحديث وليس بإمام في السنة" (1) .
(1/12)
الفصل الأول:
مصادر التشريع الإسلامي
(1/13) تعريف
القرآن اصطلاحاً:
(1/14)
المطلب
الثاني: المصدر الثاني هو السنة النبوية:
(1/15)
{وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء:59] ، فهذا ثانٍ، وهو الخبر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال تعالى: {وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}
[النساء:59] ، فهذا ثالثٌ وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم حكمه، وصح لنا بنص القرآن أن الأخبار هي أحد الأصلين المرجوع
إليهما عند التنازع. ثم قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء:59] " (1) . فدل كلام ابن حزم
على أن المصدرين الأساسيين، هما القرآن والسنة؛ بدليل الاعتماد عليهما
عند التنازع، وبدليل أن الإجماع لا يصح إلا بدليل من الكتاب أو السنة.
(1/16)
المبحث
الثاني: المصادر الفرعية للتشريع الإسلامي:
(1/17) ومعنى
الإجماع اصطلاحاً: "اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة على أمر من
الأمور الدينية" (1) .
(1/18) كيف نشأ
الإجماع؟
(1/19)
يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ
كَذَلِكَ" (1) . واستدل العلماء بذلك على العمل بالإجماع، قال النووي:
"وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِكَوْنِ الإجماع حُجَّة، وَهُوَ أَصَحّ
مَا اسْتُدِلَّ بِهِ لَهُ مِن الْحَدِيث، وَأَمَّا حَدِيث " لا تَجْتَمِع
أُمَّتِي عَلَى ضَلالة " فَضَعِيف. وَاللَّهُ أَعْلَم" (2) .
(1/20) مستند
الإجماع:
(1/21)
المطلب
الثاني: المصدر الثاني: القياس:
(1/22) فهو
المستنِد إلى القطع وهو معوز قليل، وما ينقله الآحاد عن علماء الأعصار
ينزل منزلة أخبار الآحاد، وهي على الجملة متناهية، ونحن نعلم قطعاً أن
الوقائع التي يتوقع وقوعها لا نهاية لها. والرأي المبتوت المقطوع به
عندنا: أنه لا تخلو واقعة عن حكم الله تعالى، متلقى من قاعدة الشرع،
والأصل الذي يسترسل على جميع الوقائع القياس، وما يتعلق به من وجوه النظر
والاستدلال فهو إذن أحق الأصول باعتناء الطالب، ومن عرف مأخذه وتقاسيمه،
وصحيحه وفاسده، وما يصح من الاعتراضات عليها، وما يفسد منها، وأحاط
بمراتبه جلاءً وخفاءً، وعرف مجاريها ومواقعها، فقد احتوى على مجامع
الفقه" (1) .
(1/23) وقال
الجويني: "ذهب علماء الشريعة، وأهل الحل والعقد إلى أن التعبد بالقياس في
مجال الظنون جائز غير ممتنع" (1) ، ثم قال: "نحن نعلم قطعاً أن الوقائع
التي جرت فيها فتاوى علماء الصحابة وأقضيتهم، تزيد على المنصوصات زيادة
لا يحصرها عد، ولا يحويها حد؛ فإنهم كانوا قايسين في قريب من مائة سنة،
والوقائع تترى" (2) .
(1/24)
الفصل
الثاني: مرتبة السنة النبوية في التشريع الإسلامي
(1/25) رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا
لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ". وفي رواية عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَالَ "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا
فَهُوَ رَدٌّ" (1) .
(1/26)
المبحث
الأول: السنة بيان للقرآن الكريم، ووحي نزل بها جبريل عليه السلام على
الرسول صلى الله عليه وسلم:
(1/27) أمرنا به
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجدناه عز وجل يقول فيه واصفاً لرسوله
صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا
وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] ، فصحَّ لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله
عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين:
(1/28)
المطلب
الثاني: السنة وحي نزل بها جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه
وسلم:
(1/29)
المبحث
الثاني: مكانة السنة من القرآن:
(1/30) ومن خلال
هذا البيان نعلم أن القرآن والسنة في منزلة واحدة؛ من حيث حفظهما عن
التبديل أو التحريف لمعانيهما؛ ومن ثَمّ فإن منزلتهما ومكانتهما في مرتبة
واحدة؛ من حيث إن كلاً منهما يحتج به؛ لأنه وحي.
(1/31) المطلب
الثاني: مكانة السنة من القرآن من حيث ثبوتها وعدّها المصدر الثاني
للتشريع:
(1/31) يصح في
الجملة لا في التفصيل، بخلاف الكتاب فإنه مقطوع به في الجملة والتفصيل.
والمقطوع به مقدَّم على المظنون. فلزم من ذلك تقديم الكتاب على السنة.
(1/32) بنصوصه،
والتوفيق بينهما، والجمع حين يظهر شيء من التعارض، وهذا لا ينازع فيه أحد
ممن يقول بحجية السنة" (1) .
(1/33)
هل السنة
مقدمة على الكتاب عند التعارض؟
(1/33) الفصل
الثالث: مكانة السنة النبوية في التشريع الإسلامي من حيث الاحتجاج والعمل
(1/33) اعتماد
السنة عند المسلمين، ومن ثم وجوب العمل بها، وتطبيقها في حياتهم، وهذا هو
المبحث الثاني؛ إذ هو ثمرة للمبحث الأول، ونتيجة وهدف له؛ إذ به يتحقق
امتثال الناس لهذا الدين العظيم، وتنفيذهم لأوامره؛ باتباع كتاب الله
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
(1/34)
المبحث
الأول: مكانة السنة النبوية في التشريع الإسلامي من حيث الاحتجاج بها:
(1/35)
قِرَاهُمْ" (1) . وروى أبو داود عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ
السُّلَمِيِّ قَالَ: نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ صَاحِبُ
خَيْبَرَ رَجُلا مَارِدًا مُنْكَرًا فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا
حُمُرَنَا، وَتَأْكُلُوا ثَمَرَنَا، وَتَضْرِبُوا نِسَاءَنَا؟ فَغَضِبَ
يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: "يَا بْنَ عَوْفٍ،
ارْكَبْ فَرَسَكَ ثُمَّ نَادِ: أَلا إِنَّ الْجَنَّةَ لا تَحِلُّ إِلا
لِمُؤْمِنٍ وَأَن اجْتَمِعُوا لِلصَّلاةِ. قَالَ فَاجْتَمَعُوا" ثُمَّ
صَلَّى بِهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ فَقَالَ:
"أَيَحْسَ بُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ قَدْ يَظُنُّ
أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ،
ألا وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ وَعَظْتُ وَأَمَرْتُ وَنَهَيْتُ عَنْ
أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ
الْكِتَابِ إِلا بِإِذْنٍ ولا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ ولا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ
إِذَا أَعْطَوْكُمْ الَّذِي عَلَيْهِمْ" (2) .
(1/36) وقد عنون
الخطيب البغدادي في كتابه "الكفاية" بقوله: "باب ما جاء في التسوية بين
كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب العمل
ولزوم التكليف" (1) .
(1/37)
المطلب
الثاني: حجية السنة عند علماء المسلمين، والأدلة على ذلك
(1/38) وقد أثبت
الله لرسوله العصمة في كتابه الكريم حيث قال سبحانه وتعالى: {يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ
لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ
النَّاسِ} [المائدة:67] . قال القرطبي: "دلت الآية على رد قول من قال: إن
النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من أمر الدين تقية، وعلى بطلانه، وهم
الرافضة، ودلت على أنه صلى الله عليه وسلم لم يسرَّ إلى أحد شيئاً من أمر
الدين؛ لأن المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك ظاهراً، ولولا هذا ما كان في
قوله عز وجل: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} .
(1/39) إِنَّمَا
أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} [الأنبياء:45] ، فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى
الله عليه وسلم كله وحي، والوحي بلا خلاف ذكر، والذكر محفوظ بنص القرآن؛
فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل مضمون
لنا أن لايضيع منه شيء، فهو منقول إلينا كله فلله الحجة أبداً" (1) .
(1/40) بُشير
العدوي إلى ابن عباس. فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس رضي الله عنه لا
يأذن لحديثه ولا ينظر إليه. فقال: يا ابن عباس! ما لي لا أراك تسمع
لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تسمع. فقال ابن عباس
-رضي الله عنه-": إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا. فلما ركب الناس
الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف" (1) .
(1/41) والفائدة
الثانية للأسانيد: هي: أن رجال السند يعدون مصادر مكتوبة لكل كتاب من كتب
الحديث المسندة؛ وذلك أن علماء الحديث كان لديهم صحف وأجزاء حديثية
مكتوبة مشتملة على أحاديثهم؛ يبرهن على ذلك، أن طرق تحمل الحديث - أي
سماعه - عددها ثمانية، هي: السماع، والعرض على الشيخ، والإجازة،
والمناولة، والكتابة، والإعلام، والوصية، والوجادة. وهذه الطرق الثمانية
يعتمد سبعة منها على الكتابة فقط، والطريقة الأولى يمكن أن تعتمد على
المشافهة أو على الكتابة؛ ولذلك كان بحثي في رسالة الماجستير يعتمد على
هذه الفائدة في إبطال زيف المستشرقين الذين اتهموا أهل الحديث بأنهم
زيفوا الأسانيد، وذلك بتتبع رجال السند لكل حديث، ثم بتتبع الكتب التي
ألفها رجال السند، ومقارنة الحديث الذي روي عن طريقهم بكتبهم المطبوعة أو
المخطوطة. ولا يخلو سند من أكثر من راو له كتاب مطبوع أو مخطوط. أما
الرواة الذين ذكرت لهم صحف أو أجزاء حديثية فكثيرون (1) ، حسب ما تذكر
عنهم كتب التراجم؛ ولكن كثيراً من صحفهم وأجزائهم الحديثية مفقودة (2) .
ولكن ما يوجد من المطبوعات (3) فضلاً عن
(1/42) المخطوطات
كافٍ في رد تلك الشبه. وقد قمت بهذه الدراسة في رسالة الماجستير بدراسة
كتاب الوضوء من صحيح البخاري. ورددت من خلالها على بعض المستشرقين، ومن
تأثر بهم من المسلمين أمثال: فؤاد سزكين، وأحمد أمين، وأبي رية.
(1/43) والسنة؛
حيث قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ
فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا
مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:164] .
(1/44) تعالى:
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}
[الشورى:10] ، قال ابن كثير - في تفسير هذه الآية: "أي مهما اختلفتم فيه
من الأمور، وهذا عام في جميع الأشياء، {فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} ، أي:
هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كقوله تعالى:
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ
وَالرَّسُولِ} [النساء:59] " (1) ، وقال ابن حزم معلقاً على قوله تعالى:
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}
[الشورى:10] : "فوجدنا الله تعالى يردُّنا إلى كلام نبيه صلى الله عليه
وسلم ... ، فلم يسع مسلماً يقر بالتوحيد، أن يرجع عند التنازع إلى غير
القرآن، والخبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يأبى عما وجد
فيهما، فإن فعل ذلك بعد قيام الحجة عليه فهو فاسق، وأما من فعله مستحلاً
للخروج عن أمرهما، وموجباً لطاعة أحد دونهما، فهو كافر، لا شك عندنا في
ذلك" (2) . ولذلك أوجب الله -تعالى- على المؤمنين أن ينفذوا أمر الله
وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يحق لهم أن يختاروا بين تنفيذ أمر
الله ورسوله، وعدمِ التنفيذ، وحكم الله تعالى على من يعص الله ورسوله في
أي حكم يأمرانه به بالضلال المبين، قال تعالى:
(1/45)
المبحث
الثاني: مكانة السنة النبوية في التشريع الإسلامي من حيث العمل بها:
(1/46) في
الصحيح، رواه مسلم من حديث طويل (1) ، ورواه مالك في الموطأ بلاغاً، ولكن
يشهد له حديث الحاكم السابق، ولفظ مالك: "تركت فيكم أمرين؛ لن تضلوا ما
إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض" (2) .
(1/47) ووجوب
العمل بها" (1) . كما بَيَّن أنه لم يخالف في حجية السنة إلا أصحاب
المذاهب المنحرفة كالرافضة، والمعتزلة (2) .
(1/48)
المطلب
الثاني: الأدلة على وجوب العمل بالسنة:
(1/48) 2- أمر
الله تعالى عباده المؤمنين بطاعة رسوله الطاعة المطلقة: فقال تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59]
روى القاضي عياض عن عطاء (1) ، وابن عبد البر والبيهقي -في المدخل- عن
ميمون بن مهران (2) : "أن الرد إلى الله هو: الرجوع إلى كتابه. والرد إلى
الرسول هو: الرجوع إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته".
(1/49) قال
تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ
الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [الأحزاب:1، 2] ، وإذا كان الرسول صلى الله عليه
وسلم يجب عليه اتباع ما يوحى إليه؛ فكذلك يجب على المؤمنين به اتباعه (1)
.
(1/50)
الخاتمة:
(1/51)
مصادر ومراجع
(1/52) قيم
الجوزية (ت751هـ) ، راجعه وقدم له طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت،
لبنان، 1973م.
(1/53) 17. حجية
السنة، لعبد الغني عبد الخالق، دار القرآن الكريم، بيروت، لبنان، ط1،
1407هـ/1986م.
(1/54) 26. سنن
ابن ماجه، لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني ابن ماجه (275هـ) ، تحقيق
محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، 1395هـ/1975م.
(1/55) 33. صحيح
البخاري مع فتح الباري، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
(ت256هـ) ، بتصحيح الشيخ عبد العزيز بن باز لبعض أجزائه، وترقيم محمد
فؤاد عبد الباقي، وإخراج محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية ومكتبتها،
القاهرة، 1380هـ.
(1/56) 40. كتاب
الجرح والتعديل، لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت327هـ) ، طبع
مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد، الدكن الهند، ط1.
(1/57) 46.
المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، للحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي (ت
360هـ) ، بتحقيق محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت، لبنان، ط3، 1404هـ.
(1/58) 53. مفهوم
أهل السنة والجماعة عند أهل السنة والجماعة، ناصر ابن عبد الكريم العقل،
نشر دار الوطن.
(1/59)
|
|