تدوين السنة ومنزلتها
الكتاب: تدوين السنة ومنزلتها
مدخل
(1/27)
السنة من
الوحي:
(1/27) والقسم
الثاني من الوحي هو القرآن الكريم.
(1/28)
عرض الحديث
على القرآن:
(1/28) خالفه
فدعوه" فإنه حديث باطل لا أصل له، وقد حكى زكريا بن يحي الساجي عن يحي بن
معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة.
(1/29)
شرف علم
الحديث:
(1/29) يقول
الإمام النووي: "إن من أهم العلوم تحقيق معرفة الأحاديث النبويات، أعني
معرفة متونها، صحيحها وحسنها وضعيفها وبقية أنواعها المعروفة، ودليل ذلك
أن شرعنا مبني على الكتاب العزيز والسنن المرويات، وعلى السنن المحكمات،
وقد اتفق العلماء على أن من شرط المجتهد من القاضي والمفتي أن يكون عالما
بالأحاديث الحكميات، فثبت بما ذكرناه أن الاشتغال بالحديث من أجَلّ
العلوم الراجحات وأفضل أنواع الخير وآكد القربات، وكيف لا يكون كذلك؟ وهو
مشتمل على بيان أفضل المخلوقات، عليه من الله الكريم أفضل الصلوات
والسلام والبركات الخ"1.
(1/30) من شاء
وخبط الناس خبط عشواء وركبوا متن عمياء.. وهو تلو كلام الله العلام،
وثاني أدلة الأحكام ...
(1/31)
فضل نشر
الحديث وروايته:
(1/31) قال
المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه ابن
ماجه من حديث عبّاد والد يحيي عن زيد بن ثابت. اهـ1.
(1/32) على أنه
قد يقال: ما يعرفه الفساق من العلم ليس بعلم؛ لعدم عملهم". اهـ1.
(1/33)
تدوين الحديث
وأطواره منذ فجر
الإسلام حتى عصر أصحاب الصحاح الستة
(1/33) فلما
انتشر الإسلام واتسعت الأمصار، وتفرقت الصحابة في الأقطار، وكثرت
الفتوحات، ومات معظم الصحابة وتفرقت أصحابهم وأتباعهم وقلّ الضبط، وكاد
الباطل يلتبس بالحق احتاج العلماء إلى تدوين الحديث وتقييده بالكتابة؛
لأنها الأصل، فإن الخاطر يغفل، والقلم يحفظ؛ فمارسوا الدفاتر وسايروا
المحابر وعقدوا العزم وأجابوا في نظم قلائده أفكارهم، وأنفقوا في تحصيله
أعمارهم، واستغرقوا في تقييدهم ليلهم ونهارهم، فأبرزوا تصانيف كثرت
صنوفها، ودونوا دواوين ظهرت شفوفها؛ فاتخذها العالمون قدوة، ونصبها
العارفون قبلة.
(1/34)
الحديث على
عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
(1/34) المفاخرة
المفاخرة بالأنساب والأحساب فلا يسعفهم غير اللسان يثيرون به ما حفظوه من
أخبارهم، وأخبار خصومهم، مما يرفع من شأن أعدائهم.
(1/35)
الطريقة التي
تلقى الصحابة بها الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(1/35)
كتابة الحديث
في عهد النبي عليه السلام:
(1/35) من الوحي
القرآني تبيان وتفسير، فأنى للكتبة منهم الوقت لمتابعة الرسول عليه
السلام في كتابة جميع ما يقوله أو يعمله أو يقر الناس عليه، خاصة وأن
الكاتبين منهم قليل.
(1/36)
الصحف
المكتوبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
(1/36) ومن أشهر
الصحف المكتوبة في العصر النبوي (الصحيفة الصادقة) التي كتبها جامعها عبد
الله بن عمرو بن العاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتملت على
ألف حديث، كما يقول ابن الأثير1، ومحتواها محفوظ في مسند أحمد بن حنبل2،
حتى ليصح أن نصفها بأنها أصدق وثيقة تاريخية تثبت كتابة الحديث على عهده
صلوات الله عليه، وهذه الوثيقة كانت نتيجة محتومة لفتوى النبي صلى الله
عليه وسلم لعبد الله بن عمرو وإرشاده الحكيم له؛ فقد جاء عبد الله يستفتي
رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الكتابة قائلا: أكتب كل ما أسمع؟
قال: "نعم"، قال: في الرضا والغضب؟ قال: "نعم؛ فإني لا أقول في ذلك إلا
حقا".
(1/37)
عصر الخلفاء
الراشدين:
(1/38) والخلفاء
الراشدون لم يتشددوا في أمر الكتابة وحدها، بل بلغ بهم الورع أن راحوا
يتشددون حتى في الرواية.
(1/39) مدخولها،
فوكل أهلها في نقلها إلى حفظهم، ولم يوكلوا من القرآن إلى مثل ذلك،
وألفاظ السنن غير محروسة من الزيادة والنقصان كما حرص الله كتابه ببديع
النظم الذي أعجز الخلق عن الإتيان بمثله؛ فكانوا في الذي جمعوه من القرآن
مجتمعين، وفي حروف السنن ونقل نظم الكلام نصا مختلفين، فلم يصح تدوين ما
اختلفوا فيه، ولو طمعوا في ضبط السنن كما اقتدوا على ضبط القرآن لما قصوا
في جمعها، ولكنهم خافوا إن دونوا ما لا يتنازعون فيه أن يجعل العمدة في
القول على المدوّن، فيكذبوا ما خرج عن الديوان فتبطل سنن كثيرة، فوسعوا
طريق الطلب للأمة فاعتنوا بجمعها على قدر عناية كل واحد في نفسه، فصارت
السنن عندهم مضبوطات، فمنها ما أصيب في النقل حقيقة الألفاظ المحفوطة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي السنن السالمة من العلل، ومنها ما حفظ
معناها ونسي لفظها، ومنها ما اختلفت الروايات في نقل ألفاظها، واختلف
أيضا رواتها في الثقة والعدالة، وهي تلك السنن التي تدخلها العلل فاعتبر
صحيحها من سقيمها أهل المعرفة بها على أصول صحيحة وأركان وثيقة لا يخلص
منها طعن طعان ولا يوهنها كيد كائد". انتهى1.
(1/40)
حول النهي
والإباحة:
(1/40) ورواه بن
عبد البر بمثله1.
(1/41)
عصر التابعين
وتابعيهم:
(1/42)
التدوين
العام للحديث:
(1/42) وصنف أبو
محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح بمكة (توفي ببغداد 150 وقيل: 151)
1.
(1/43) وأما
ابتداء تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة في خلافة عمر1 بن عبد
العزيز بأمره؛ ففي صحيح البخاري: "وكتب عمر بن عبد العزيز أبي أبي بكر بن
حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه؛ فإني خفت
دروس العلم وذهاب العلماء) ، وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان بلفظ: "كتب
عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأجمعوه". قال في فتح الباري: "يستفاد من هذا ابتداء تدوين الحديث
النبوي، ثم أفاد أن أول من دونه بأمر عم بن عبد العزيز ابن شهاب الزهري".
اهـ2.
(1/44) والشيء
اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء حتى خيف عليه الدروس وأسرع في
العلماء الموت، أمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمي، فيما كتب إليه: أن
انظر ما كان من سنة أو حديث فاكتبه.
(1/45) ومما تقدم
يتبين لنا أن علماء التدوين قد طوفوا الدنيا كلها، وانتشروا في البلدان
والأمصار وأحاطوا بها يجمعون ويكتبون في حركة نشطة دائبة يواصلون الليل
بالنهار؛ ليسجلوا أجلّ وأخلد سجل عرفته البشرية على الإطلاق، على امتداد
تاريخها الطويل، فبعد كتاب الله جندوا أنفسهم وأقلامهم ليدونوا مصدر
شريعتهم، ومنبع عزهم الدائم.
(1/46)
خلاصة تدوين
السنة
(1/46) وهذا أسهل
تناولا، وتارة ترتب على أسماء القبائل؛ فيقدم بنو هاشم ثم الأقرب فالأقرب
إلى رسوله الله صلى الله عليه وسلم في النسب، وتارة ترتب على السابقة في
الإسلام؛ فيقدم العشرة المبشرون بالجنة، ثم أهل بدر، ثم أهل الحديبية، ثم
من أسلم وهاجر بين الحديبية والفتح، ثم من أسلم يوم الفتح، ثم أصاغر
الصحابة سنا، ويختتم بالنساء.
(1/47) أما
المتأخرون في عصر الرواية فيكون عملهم - في نهاية المطاف - تهذيبا وشرحا
واختصارا للكتب الصحيحة المشهورة.
(1/48)
أين كانت
الدراية في أثناء المراحل المتقدمة؟
(1/48) قال
الذهبي:" أول من زكى وجرح من التابعين - وإن كان قد وقع ذلك قبلهم -
الشعبي وابن سيرين1، حفظ عنهما توثيق أناس وتضعيف آخرين، وسبب قلة ذلك في
التابعين قلة متبوعهم من الضعفاء؛ إذ أكثر المتبوعين صحابة عدول، وأكثر
المتبوعين في عصر الصحابة ثقات، ولا يكاد يوجد في القرن الأول الذي انقرض
فيه الصحابة وكبار التابعين إلا الواحد، كالحارث الأعور2 والمختار
الكذاب، فلما مضى القرن ودخل الثاني كان في أوائلهم من أوساط التابعين
جماعة من الضعفاء الذين شعفوا غالبا من قبل تحملهم وضبطهم الحديث، فتراهم
يرفعون الموقوف ويرسلون كثيرا، ولهم غلط، كأبي هارون العبدي.
(1/49)
مراحل
الدراية
(1/50)
|
|