كتابة السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية
الكتاب: كتابة السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة
وأثرها في حفظ السنة النبوية المقدمة:
(1/1) كتبوا في
وقت لم يكن الكذب قد شاع، ولم يظهر بعدُ أهلُ الوضع والتحريف، فهم عدول
وهم خير القرون، وكان الصحابة الذين كتبوا في عهد النبي صلى الله عليه
وسلم على درجة عالية من الحفظ والضبط والإتقان.
(1/2) كتابة
السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأثرها في حفظ
السنة النبوية
(1/3) رأي
الآخرين فمعناها الطبيعة. وقال الراغب (1) : "سنة النبي صلى الله عليه
وسلم طريقته التي كان يتحراها، وسُنة الله عزَّ وجل قد تقال لطريقة
حِكْمته وطريقة طاعته". والسنة: السيرةُ حسنةً كانت أو قبيحةً، قال خالد
بن عتبة الهذلي:
(1/4) والسيرة.
وإذا أطلقت في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبيُّ صلى الله عليه
وسلم ونهى عنه وندب إليه قولاً وفعلاً، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب
والسنة؛ أي: القرآن والحديث (1) . أ.?.
(1/5)
تعريف السنة
في الشرع:
(1/5) أما علماء
الأصول: فعرَّفوا السُّنة بأنها: هي كل ما روي عن النبي صلى الله عليه
وسلم مما ليس قرآناً من أقوال أو أفعال أو تقريرات مما يصلح أن يكون
دليلاً لحكم شرعي.
(1/6) تتضمن
أخلاقه الكريمة، وصفاته العظيمة وتتضمن أفعاله الحسنة. وقال بعض العلماء
هي: "ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو
صفة" (1) . والتعريفان متقاربان. ويتفق كل منهما في أن السنة النبوية في
اصطلاح علماء الحديث النبوي هي أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله
وتقريراته وصفاته الخُلقية والخَلقية، فيدخل في هذا معظم ما يذكر في
سيرته كوقت ميلاده ومكانه وتحنثه في غار حراء، وغير ذلك مما يذكر قبل
البعثة أو بعدها.
(1/7)
منزلة السنة
في الدين
(1/8) أوجب طاعة
رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مبيِّن للناس ما أنزل إليهم، قال
الشاطبي: "فإذا عمل المكلف وفق البيان أطاع الله فيما أراد وأطاع رسولَه
في مقتضى بيانه، ولو عمل على مخالفة البيان عصى الله تعالى في عمله على
مخالفة البيان، إذ صار عمله على خلاف ما أراد بكلامه وعصى رسوله في مقتضى
بيانه" (1) .
(1/9) وَرُوحٌ
مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء:171] . فالأمر بالإيمان
بالرسل مع الإيمان بالله لا يكون إلا إذا كان مع الإيمان تصديق لما يبلغه
الرسل عن الله وإذعان وطاعة لهديهم على هذا فرسولنا صلى الله عليه وسلم
يجب الإيمان به للأمر بالإيمان بالرسل، وطاعته واجبة كطاعتهم التي
استلزمها الأمر بالإيمان بهم.
(1/10) وَإِذَا
كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى
يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور:62] . فجعل كمال ابتداء الإيمان الذي ما سواه
تبع له الإيمان بالله ثم برسوله" (1) . أ. هـ.
(1/11) والجمع
بينهما، أو بطريق العطف بها مع إعادة العامل إذ يفيد ذلك تأكيد عموم
الطاعة في كل ما يصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها ما جاء بتكرار
العامل في شيئين مع العطف على الأخير بدون تكرار العامل كقوله تعالى:
{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
بدون تكرار العامل في عطف أولي الأمر. وهذا يدل على أن أولي الأمر ليس
لهم طاعة مستقلة، وليس لهم تشريع خاص يصدر عنهم يخالف الإسلام "وإنما
يطاعون فيما شأنه أن يتلوه ويباشروه في إطار من الدين الذي شرعه الله
قرآناً كان أو سنة" (1) فطاعة الرسول إذاً واجبة في كل ما أتى به سواء
كان في الكتاب الكريم أو ليس فيه.
(1/12) الشرع من
القرآن الذي أخذوه عن رسولهم صلى الله عليه وسلم إذ كان يبين لهم ما أنزل
إليهم، كما كان يبين لهم كثيراً من الأحكام حين تقع لهم الحوادث التي لم
ينص عليها في القرآن، فهو إذاً يطبق لهم الأحكام من حلال أو حرام، مما
كان مصدره القرآن أو الوحي الذي يوحيه الله له {يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف:157] .
وقد حثَّ الله عز وجل على الاستجابة لما يدعو له الرسول صلى الله عليه
وسلم فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ
وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24] ، ولم
يبح الله تعالى لمؤمن ولا مؤمنة مخالفة حكم الرسول أو أمره، قال تعالى:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}
[الأحزاب:36] ، وقد كان المسلمون ملتزمين حدود أمره ونهيه ومتبعين له في
عبادتهم ومعاملاتهم وقد بلغ من طاعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم
واقتدائهم به أنهم كانوا يفعلون ما يفعل ويتركون ما يترك ولم يجز واحد
منهم لنفسه مراجعة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان هناك أمر غريب
عن عقولهم فيناقشونه ليعرفوا الحكمة فيه فقط كما لم يجز واحد منهم
مراجعته في أمر "إلا إذا كان فعله أو قوله اجتهاداً منه في أمر دنيوي
(1/13) كما في
غزوة بدر حين راجعه الحباب بن المنذر في مكان النزول" (1) ومثل هذا إنما
حدث تطبيقاً لمبدأ الشورى في الإسلام.
(1/14)
رواية السنة
وكتابتها:
(1/15) ثانياً:
ما تضمنته آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة من الحث على العلم
والعمل، بل كانت أولى آيات الوحي الإلهي من القرآن دعوة صريحة إلى العلم،
توجه أنظار البشرية إليه، وتحض عليه، قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ
وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ
الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5] ، وقال تعالى: {فَلَوْلا
نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي
الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ
لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] ، كما حض الرسول صلى الله عليه
وسلم على طلب العلم وتبليغه، عن ابن شهاب قال: قال حميد بن عبد الرحمن:
سمعت معاوية خطيباً يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من يرد
الله به خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه
الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" (1) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "نضر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها
وأداها فربَّ حامل فقه غير فقيه وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه" (2)
.
(1/16) وأنها من
مصادر التشريع الإسلامي، وقد حركت هذه العوامل قلوب المسلمين للالتفاف
حول رسولهم صلى الله عليه وسلم، لينهلوا من معين سنته المطهرة التي وجدوا
فيها مادة خصبة لدنياهم وأخراهم، تكفل لهم سعادة الدارين؛ لأنَّ أحكامها
الكريمة وآدابها الفاضلة تتعلق بالعقيدة وبالشريعة والأخلاق وتتعلق بجميع
آدابهم وأحوالهم.
(1/17) عقولهم
يقظة واعيةً بعد صلاة الفجر وبعد العشاء ونحو ذلك.
(1/18) تلقِّي
الصحابة للحديث النبوي:
(1/18) ومعاملاته
وإذا عنَّ لهم أمر من الأمور يحتاجون للبيان فيه رجعوا إليه يسألونه
فيجيبهم، ويفتيهم.
(1/19) ومعلوم أن
الصحابة -رضي الله عنهم-لم يكونوا في مستوى واحد من العلم بل كانت تتفاوت
درجاتهم العلمية ما بين مكثر ومقل ومتوسط تبعاً لظروف كل واحد منهم، إذ
كان من بينهم البدوي والحضري، والمنقطع للعبادة، والمشتغل بأمر المعاش
فكان أكثرهم علماً أسبقهم إسلاماً كالخلفاء الأربعة وعبد الله بن مسعود،
أو أكثرهم ملازمة لنبيه صلى الله عليه وسلم كأبي هريرة، أو أكثرهم كتابةً
كعبد الله بن عمرو بن العاص.
(1/20)
السنة في عصر
الصحابة والتابعين:
(1/21) لذا نشط
الصديق في مقاومتها من أول يوم وتأهب للقتال وأعد عدته، ونازلهم حتى
أصاخوا لحكم ربهم واستجابوا لأبي بكر رضوان الله تعالى عليه، فدخلوا
الإسلام وأدوا الزكاة فانتظم أمر الدعوة واستقرت الأمور وعادت الحياة
آمنة، وصفا الجو العلمي للصحابة فاستكمل صغارهم علومهم ومعارفهم كما
أرادوا، ونهل التابعون من علوم الصحابة التي حملتها إليهم صدورهم الأمينة
وحوافظهم القوية وبعض صحائفهم العزيزة التي كانت تؤلف روافد صافية إلى
منابع السنة الشريفة.
(1/22) وأما
الخوارج فهم من أشياع علي بن أبي طالب الذين خرجوا عليه بعد التحكيم ثم
صاروا حرباً عليه وعلى جماعة المسلمين من بعده، وقد قضى عليهم المهلب بن
أبي صفرة في عهد الدولة الأموية، ووسط هذا الانقسام، وبين تلك الثورات
العارمة والمعارك الدامية لا بد أن يجد الأعداء وأصحاب الأهواء الطريق
ممهدة لهم، فاستغل اليهود والفرس وأعداء الدعوة تلك الفرصة السانحة
ليكيدوا للإسلام ويناهضوا ببغيهم وعدوانهم التراث النبوي ليدسوا ويضعوا،
فماذا يفعل الصحابة؟!
(1/23)
منهج الصحابة
رضي الله عنهم في الرواية:
(1/24) كراهية أن
يشتغل الناس برواية الحديث وينصرفوا عن تلاوة القرآن، وخشية الوقوع في
الخطأ أو تسرب التحريف إلى السنة، والإقلال من الرواية كان سيراً سليماً
على ما رسمه لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل
ما سمع" (1) . كما سار الصحابة على طريق التثبت من الراوي والمروي فما
اطمأنوا إليه قبلوه وما لم يطمئنوا إليه طلبوا عليه شاهداً، وما لم تقم
البينة على صدقه ردوه، وكان تثبتهم قائماً على ميزان النقد العلمي
الصحيح. ومنع الصحابة الرواة من أن يحدثوا بما يعلو على فهم العامة؛ لأن
في هذا مدعاة إلى تكذيبهم للمحدث بما لا يفهمونه، ومدعاةً للخطأ
والارتياب في الدين، فامتنعوا عن ذلك خشية أن يستغل أصحاب الأهواء ظاهر
النصوص لصالح بدعهم وأهوائهم.
(1/25) صلى الله
عليه وسلم: "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع" فقال: والله
لتقيمن عليه بينة، أمنكم أحدٌ سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال
أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم فكنت أصغر القوم، وقمت معه
فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك، فقال عمر لأبي موسى:
أما إني لم أتهمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه
وسلم (1) .
(1/26)
تدوين السنة:
(1/27) شاركت
الصدور في حفظ السنة ومن بين هذه الصحائف صحيفة عبد الله بن عمرو بن
العاص التي تُسَمَّى بالصادقة؛ لأنه كتبها عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم مباشرة، يقول عبد الله بن عمرو بن العاص لمجاهد: "هذه الصادقة فيها
ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بيني وبينه أحد" (1) .
(1/28) الأحاديث
سبق تدوينه وتسجيله من غير نظام وترتيب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
وفي عصر الصحابة رضي الله عنهم، وقد شاع في الناس حتى المثقفين والمؤلفين
أن الحديث لم يكتب ولم يسجل إلا في القرن الثالث الهجري وأحسنهم حالاً من
يرى أنه قد كتب ودون في القرن الثاني؟
(1/29) حديث ولا
يعرف كثير من المتعلمين فضلاً عن العامة أن الذي يُكَوِّن هذا العدد
الضخم هو كثرة المتابعات والشواهد التي عني بها المحدثون، فحديث: "إنما
الأعمال بالنيات" يروى من سبعمائة طريق فلو جردنا مجاميع الحديث من هذه
المتابعات والشواهد لبقي عدد قليل (1) من الأحاديث، وقد صرَّح الحاكم أبو
عبد الله الذي يعتبر من المتسامحين المتوسعين أن الأحاديث التي في الدرجة
الأولى لا تبلغ عشرة
(1/30) - أي
الحديث- في الكتب لدرس في الأعصر الأخر" (1) .
(1/31) وعن أبي
نضرة قال: قيل لأبي سعيد: لو اكتتبنا الحديث؟ فقال: لا نكتبكم، خذوا عنا،
كما أخذنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم. (1) .
(1/32) والكتاب،
كعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال أبو هريرة رضي الله عنه:
"ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ أكثر حديثاً عنه مني إلا ما
كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" (1) .
(1/33) بحفظه
كأبي شاه، ومنها أن البعض كان كاتباً مجيداً لا يلتبس عليه الحال كعبد
الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان قارئاً للكتب المتقدمة ويكتب بالسريانية
والعربية (1) .
(1/34) عمر بن
عبد العزيز فأراد أن يجمع السنن ويدونها؛ مخافة أن يضيع منها شئ، وكان
ذلك على رأس المائة الأولى، فكتب إلى بعض علماء الأمصار يأمرهم أن يجمعوا
الأحاديث، كما كتب إلى عماله في أمهات المدن الإسلامية، وهكذا أصدر
الخليفة العادل أمره إلى أقطار الإسلام: "انظروا حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم فاجمعوه" (1) .
(1/35) تدور حول
موضوع واحد في مؤلف خاص، فكان لكل باب من أبواب العلم مؤلف قائم به،
فكتاب للصلاة مثلاً، وآخر للصوم، وهكذا وكل مؤلف من هذه المؤلفات تدون
فيه الأحاديث المتصلة بموضوعه، ومختلطة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين،
وقد أخلص الإمام الزهري نيته وعمله لله في تدوين السنة والتنبيه على
العناية بأساليبها.
(1/36) دربهم
ونسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة إفراد الحديث وخاصة على رأس
المائتين في أوائل القرن الثالث الهجري.. فألفت المسانيد، ثم جاءت طبقة
أخرى دَوَّنت السنة في كتب خاصة تحروا في تدوينها الصحيح على شروطهم
وأفردت الحديث عن غيره، وجمعته على أبواب الفقه، واختارت الرواة
المشهورين بالثقة، وبهذا يتضح أن تدوين السنةَ لم يأخذ وضعه في الظهور
والتصنيف تماماً إلا في منتصف القرن الثاني في خلافة بني العباس، وإن كان
قد بدأ قبل ذلك.
(1/37)
رد بعض الشبه
والطعون:
(1/38) المراد
-والله أعلم-أن الكتاب يبيِّن أمور الدين بالنص الذي ورد فيه، أو
بالإحالة على السنة التي تولت بيانه، وإلا فلو لم يكن الأمر كذلك لتناقضت
الآية مع قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44] .
(1/39) وجدناه
مخالفاً لكتاب الله، لأنَّا لم نجد في كتاب الله أنه لا يقبل من حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب
الله، يطلق التأسي به والأمر بطاعته ويحذر من المخالفة عن أمره جملة على
كل حال.
(1/40)
الرد على من
ينكر الاحتجاج بخبر الواحد:
(1/41) والدليل
على وجوب العمل بخبر الواحد ما يأتي:
(1/42) لأمور،
فإذا جاء خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذوا به وتركوا آراءهم،
كما كانوا يرجعون إلى بيت النبوة في بعض ما يحتاجون إليه، فيسألون أمهات
المؤمنين، رغبة منهم في الوقوف على حكم النبي صلى الله عليه وسلم في مثل
هذه الأمور. وعلى هذا المنهج سار التابعون من بعدهم.
(1/43)
رد بعض
الاعتراضات:
(1/43) أو اليمين
لذلك.
(1/44)
مناقشة منكري
السنة:
(1/45) وهكذا نرى
وجوب الأخذ بالسنة النبوية وأن منكرها ومنكر ما جاءت به منكر لأمر معلوم
من الدين بالضرورة.
(1/46) ولم
يطلبوه من أهله ولا من مظانه.
(1/47) وافق
فخذوه وما خالف فاتركوه"، فقد وضح أئمة الحديث أنه موضوع مختلق لم يقله
الرسول صلى الله عليه وسلم.
(1/48) الرد على
ادعاء أن السنة النبوية بقيت مهملة قرناً من الزمان:
(1/49) رسول الله
صلى الله عليه وسلم ويدققون في ذلك بحيث لا يفوتهم شيء، لدرجة أن أحدهم
كان يتناوب مع الآخر حتى لا يفوت أحدهم شيء من السنن، عن عمر رضي الله
عنه قال: "كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي
المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل
يوماً وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا
نزل فعل مثل ذلك" (1) .
(1/50)
مصادر ومراجع
(1/51) 19- صحيح
البخاري (مع فتح الباري) الجزء الأول.
(1/52)
|
|