أصول الإيمان لمحمد بن عبد الوهاب ضمن مجموع مؤلفاته
الكتاب: أصول الإيمان (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء
الأول)
باب: معرفة
الله والإيمان به
(1/231) بسم الله
الرحمن الرحيم وبه نستعين 1. باب معرفة الله والإيمان به
(1/232) عن أبي
هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "يمين الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل
والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في
يمينه. والقسط بيده الأخرى يرفع ويخفض" 1. أخرجاه.
(1/233) فاضطجع في
ظلها، قد أيس من راحلته. فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ
بخطامها فقال من شدة الفرح، اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح"
1 أخرجاه.
(1/234) وله عنه
مرفوعا: "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة
فيحمده عليها" 1.
(1/235) فغفر لها
به" 1. وقال: "دخلت النار امرأة في هرة لها حبستها، لا هي أطعمتها، ولا
أرسلتها تأكل من خشاش الأرض" 2. قال الزهري: لئلا يتكل أحد ولا ييأس.
أخرجاه.
(1/236) قال: من
عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء
ما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا
أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها،
ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه. وما
ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره
مساءته" 1. رواه البخاري.
(1/237) باب قول
الله تعالى {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ
رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} 1
(1/238) عليه
وسلم: "إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السموات منه رجفة،
أو قال رعدة شديدة خوفا من الله (. فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا، أو
قال: 1 خروا لله سجدا. فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام، فيكلمه
الله من وحيه بما أراد. ثم يمر جبرائيل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله
ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول: قال الحق وهو العلي الكبير.
فيقولون كلهم مثل ما قال جبرائيل. فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره
الله) " رواه ابن جرير وابن خزيمة والطبراني وابن أبي حاتم واللفظ له.
(1/239) باب قوله
تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 1.
(1/240) وروى مسلم
عن عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كيف
يحكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يأخذ الله سمواته وأرضيه
بيديه، فيقول: أنا الملك. ويقبض أصابعه ويبسطها. فيقول: أنا الملك. حتى
نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى أني لأقول أساقط هو برسول
الله صلى الله عليه وسلم " 1. وفي الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقبلوا البشرى يا بني تميم.
قالوا: قد بشرتنا فأعطنا. قال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن. قالوا: قد
قبلنا فأخبرنا عن أول هذا الأمر. قال: كان الله قبل كل شيء، وكان عرشه
على الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء. قال: فأتاني آت فقال: يا
عمران انحلت ناقتك من عقالها. قال: فخرجت في أثرها فلا أدري ما كان بعدي"
2.
(1/241) وعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله:
كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك. فأما تكذيبه إياي
فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته. وأما
شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد" 1. وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: "وأما
شتمه إياي فقوله: لي ولد، وسبحاني أن أتخذ صاحبة ولا ولدا"2. رواه
البخاري. ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي
الأمر، أقلب الليل والنهار" 3.
(1/242) باب
الإيمان بالقدر
(1/243) وعن مسلم
بن يسار الجهني قال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية:
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ} 1. فقال عمر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم سئل عنها فقال: "إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه
ذرية. فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون. ثم مسح ظهره
فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون. فقال
رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله
بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخل به الجنة.
وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال
أهل النار، فيدخل به النار" 2 رواه مالك والحاكم، وقال: على شرط مسلم.
(1/244) إليه ملكا
بأربع كلمات، فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد. ثم ينفخ فيه الروح.
فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه
وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. وإن
أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق
عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" 1 متفق عليه.
(1/245) وعن ابن
عباس رضي الله عنهما قال1: "إن مما خلق الله لوحا محفوظا من درة بيضاء،
دفتاه من ياقوتة حمراء، قلمه نور وكتابه نور، عرضه ما بين السماء والأرض،
ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة، ففي كل نظرة منها يخلق ويرزق ويحيي
ويميت ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء؛ فذلك قوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي
شَأْنٍ} 2" رواه عبد الرزاق وابن المنذر والطبراني والحاكم 3.
(1/246) الله
سابقة وهيأه ويسره للوصول إليها، كان فرحه بالسابقة التي سبقت له من الله
أعظم من فرحه بالأسباب التي تأتي بها. وعن الوليد بن عبادة قال: "دخلت
على أبي وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي.
فقال: أجلسوني. فلما أجلسوه قال: بني، إنك لن تجد طعم الإيمان، ولن تبلغ
حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره. قلت: يا
أبتاه، وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره؟ قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن
ليصيبك. وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: أول ما خلق الله القلم قال: اكتب. فجرى في تلك الساعة
بما هو كائن إلى يوم القيامة1. يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار".
رواه أحمد.
(1/247) باب ذكر
الملائكة عليهم السلام والإيمان بهم
(1/248) رفع له
البيت المعمور الذي هو في السماء السابعة وقيل في السادسة بمنْزلة الكعبة
في الأرض، وهو بحيال الكعبة، حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض،
وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم" 1.
(1/249) ألف وما
معهم من الدواب والحيوانات1 وما لتلك المدائن من الأراضي والعمارات على
طرف جناحه حتى بلغ بهن عنان السماء حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم وصياح
ديكتهم ثم قلبها فجعل عاليها سافلها فهذا هو شديد القوى وقوله ذو مرة أي
ذو خلق حسن وبهاء وسناء وقوة شديدة قال معناه ابن عباس رضي الله عنهما
وقال غيره2 ذو مرة أي ذو قوة وقال تعالى في صفته: {إِنَّهُ لَقَوْلُ
رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ
أَمِينٍ} . أي له قوة وبأس شديد وله مكانة ومنزلة عالية رفيعة عند ذي
العرش المجيد، {مُطَاعٍ ثَمَّ} أي مطاع في الملإ الأعلى {أَمِينٍ} أي ذي
أمانة عظيمة ولهذا كان السفير بين الله وبين رسله وقد كان يأتي إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم في صفات متعددة وقد رآه على صفته التي خلقه الله
عليها مرتين وله ستمائة جناح، روى ذلك البخاري عن ابن مسعود رضي الله
عنه.
(1/250) وعن عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
جبريل في حلة خضراء، وقد ملأ ما بين السماء والأرض". رواه مسلم.
(1/251) ومن
ساداتهم: ميكائيل عليه السلام، وهو موكل بالقطر والنبات.
(1/252) ومن
ساداتهم: ملك الموت، ولم يجيء مصرحا باسمه في القرآن، ولا في الأحاديث
الصحيحة. وقد جاء في بعض الآثار تسميته بعزرائيل. والله أعلم. قاله1
الحافظ ابن كثير وقال: إنهم بالنسبة إلى ما هيأهم الله له أقسام: فمنهم
حملة العرش، ومنهم الكروبيون الذين هم حول العرش، وهم مع حملة العرش أشرف
الملائكة؛ وهم المقربون كما قال تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ
أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} 2.
ومنهم سكان السماوات السبع يعمرونها عبادة دائمة ليلا ونهارا3. كما قال
تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} 4. ومنهم
الذين يتعاقبون إلى البيت المعمور. قلت: الظاهر أن الذين يتعاقبون إلى
البيت المعمور سكان السموات، ومنهم موكلون بالجنان مراقبون بيان عداد
الكرامات لأهلها، وتهيئة الضيافة لساكنيها، من ملابس ومآكل ومشارب ومصاغ
ومساكن وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
(1/253) وقال
تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ
إِلاَّ مَلائِكَةً} 1 إلى قوله: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ
هُوَ} 2.
(1/254) وروى مالك
والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في
صلاة الفجر وصلاة العصر. ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم:
كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون"1. وفي
رواية أن أبا هريرة قال:اقرأوا أن شئتم: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان
مشهودآ} سورة الإسراء الآية 78. وروى الإمام أحمد ومسلم حديث: "ما اجتمع
قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت
عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده.
ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" 3. وفي المسند والسنن حديث: "إن
الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع" 4 والأحاديث في ذكرهم
عليهم السلام كثيرة جدا 5.
(1/255) باب
الوصية بكتاب الله عز وجل وقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} 1 عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم خطب، فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: "أما بعد، ألا
أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب. وأنا تارك فيكم
ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به.
فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال: وأهل بيتي"2. وفي لفظ: "كتاب الله
هو حبل الله المتين، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة"
3 رواه مسلم.
(1/256) وعن علي
رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنها ستكون
فتنة. قلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال كتاب الله. فيه نبأ ما
قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من
جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله. هو حبل الله المتين،
وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا
تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا
تنقضي عجائبه. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا {إِنَّا
سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} 12.
مَن قال به صدق، ومَن عمل به أُجِر، ومَن حكم به عدل، ومن دعى إليه هدى،
إلى صراط مستقيم" رواه الترمذي وقال غريب.
(1/257) وأن
الستور المرخاة حدود الله، وأن الداعي على رأس الصراط هو القرآن، وأن
الداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن" رواه رزين ورواه أحمد
والترمذي عن النواس بن سمعان بنحوه.
(1/258)
لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 1". رواه الإسماعيلي في
معجمه وابن مردويه. وعن عبد الله بن ثابت بن الحارث الأنصاري قال: "دخل
عمرعلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال: هذه
أصبتها من رجل من أهل الكتاب، أعرضها عليك. فتغير وجه رسول الله صلى الله
عليه وسلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط. فقال عبد الله بن الحارث لعمر رضي
الله عنهما: أما ترى وجه النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر رضي الله
عنه: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. فسرّي عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقال: لو نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم. أنا
حظكم من النبيين، وأنتم حظي من الأمم" رواه عبد الرزاق وابن سعد والحاكم
في الكني 1.
(1/259) باب حقوق
النبي صلى الله عليه وسلم
(1/260) وعن
المقدام بن معدي كرب الكندي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: "يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا
وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من
حرام حرمناه. ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم
الله"1 رواه الترمذي وابن ماجه.
(1/261) باب
تحريضه صلى الله عليه وسلم على لزوم السنة والترغيب في ذلك، وترك البدع
والتفرق والاختلاف والتحذير من ذلك
(1/262) "تركتكم
على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك. من يعش منكم
فسيرى اختلافا كثيرا" 1 ثم ذكره بمعناه.
(1/263) البغوي في
شرح السنة وصححه النووي. وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن
كان فيهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك. وإن بني إسرائيل
تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في
النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال ما أنا عليه
وأصحابي" 1 2. رواه التّرمذي. ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:
"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص من أجورهم
شيئا. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص
ذلك من آثامهم شيئا"3. وله عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: "جاء
رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه أبدع 4 بي فاحملني. فقال: ما
عندي. فقال رجل: يا رسول الله أنا أدله على من يحمله. فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: مَن دل على خير فله مثل أجر فاعله" 5.
(1/264) شيء قيل
غيرت السنة: قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال إذا كثر قراؤكم، وقل
فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه
لغير الدين" رواه الدارمي.
(1/265) باب
التحريض على طلب العلم، وكيفية الطلب فيه
(1/266) وعن ابن
مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي
بعثه الله في أمته قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته
ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون،
ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن1: ومن جاهدهم بلسانه فهو
مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل "
رواه مسلم.
(1/267) وعن ابن
مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله
عبدا سمع مقالتي وحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل
فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: العمل لله،
والنصيحة للمسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحيط من وراءهم" رواه
الشافعي والبيهقي في المدخل، ورواه أحمد وابن ماجه والدارمي عن زيد بن
ثابت.
(1/268) وعن
معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات. رواه
أبو داود أيضا.
(1/269) ولم يدع
القرآن رغبة عنه إلى غيره؛ إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا علم لا
فهم فيه، ولا قراءة لا تدبر فيها".
(1/270) باب قبض
العلم
(1/271) وفي
الصحيحين عن ابن عمرو مرفوعا: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من
العباد، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناس
رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" 1.
(1/272) باب
التشديد في طلب العلم للمراء والجدال
(1/273) تذكروا
عظمة الله طاشت عقولهم، وانكسرت قلوبهم، وانقطعت ألسنتهم، حتى إذا
استفاقوا من ذلك تسارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية؛ يعدون أنفسهم مع
المفرطين وإنهم لأكياس أقوياء، ومع الضالين والخطائين وإنهم لأبرار برآء،
لأنهم لا يستكثرون له الكثير، ولا يرضون له بالقليل، ولا يدلون عليه
بأعمالهم، حيث ما لقيتهم مهتمون مشفقون، وجلون خائفون" رواه أبو نعيم قال
الحسن - وسمع قوما يتجادلون: "هؤلاء قوم ملوا العبادة، وخف عليهم القول،
وقل ورعهم فتكلموا".
(1/274) باب
التجوز في القول، وترك التكلف والتنطع
(1/275) وعن عائشة
رضي الله عنها قالت: "كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا، يفهمه
كل من يسمعه. وقالت: كان يحدثنا حديثا لو عده العاد لأحصاه وقالت: إنه لم
يكن يسرد الحديث كسردكم" 1. روى أبو داود بعضه.
(1/276) اعتمد
تصحيح هذا الكتاب على مخطوطتين هما:
(1/277)
|
|