أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة 200 سؤال وجواب في العقيدة الاسلامية
الكتاب: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة (الكتاب نشر
- أيضا - بعنوان: 200 سؤال وجواب في العقيدة الاسلامية) [المقدمة]
(1/3) البيضاء
ومنهج الحق المستبين، شرحت فيه أمور الإيمان وخصاله، وما يزيل جميعه أو
ينافي كماله، وذكرت فيه كل مسألة مصحوبة بدليلها، ليتضح أمرها وتتجلى
حقيقتها ويبين سبيلها، واقتصرت فيه على مذهب أهل السنة والإتباع، وأهملت
أقوال أهل الأهواء والابتداع؛ إذ هي لا تذكر إلا للرد عليها، وإرسال سهام
السنة عليها، وقد تصدى لكشف عوارها الأئمة الأجلة، وصنفوا في ردها
وإبعادها المصنفات المستقلة، مع أن الضد يعرف بضده ويخرج بتعريف ضابطه
وحده، فإذا طلعت الشمس لم يفتقر النهار إلى استدلال، وإذا استبان الحق
واتضح فما بعده إلا الضلال، ورتبته على طريقة السؤال ليستيقظ الطالب
وينتبه، ثم أردفه بالجواب الذي يتضح الأمر به ولا يشتبه، وسميته (أعلام
السنة المنشورة، لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة) والله أسأل أن يجعله
ابتغاء وجهه الأعلى، وأن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، نعمة منه
وفضلا، إنه على كل شيء قدير وبعباده لطيف خبير، وإليه المرجع والمصير،
وهو مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
(1/4) [أول ما
يجب على العباد]
(1/5) وتدبير
العدل الحكيم. وإن أريد به العابد المحب المتذلل خص ذلك بالمؤمنين الذي
هم عباده المكرمون وأولياؤه المتقون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
(1/6) [شروط
العبادة]
(1/7) وقال
تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ
يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] وغيرها من الآيات.
(1/8) وتصوم
رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» (1) وقوله صلى الله عليه وسلم:
«بني الإسلام على خمس» (2) فذكر هذه غير أنه قدم الحج على صوم رمضان
وكلاهما في الصحيحين.
(1/9) [شروط
شهادة أن لا إله إلا الله]
(1/10) [دليل
اشتراط الانقياد من الكتاب والسنة]
(1/11) به» (1) .
(1/12) وقال
النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن
يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله،
وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في
النار» (1) .
(1/13) [معنى
شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم]
(1/14) [دليل
الصوم]
(1/15) معها» (1)
. الحديث، وإن كانوا جماعة ولهم شوكة وجب على الإمام قتالهم حتى يؤدوها
للآيات والأحاديث السابقة وغيرها، وفعله أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم
أجمعين. وأما الصوم فلم يرد فيه شيء ولكن يؤدبه الإمام أو نائبه بما يكون
زجرا له ولأمثاله. وأما الحج فكل عمر العبد وقت له لا يفوت إلا بالموت،
والواجب فيه المبادرة، وقد جاء الوعيد الأخروي في التهاون فيه، ولم ترد
فيه عقوبة خاصة في الدنيا.
(1/16) والجوارح،
ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ويتفاضل أهله فيه.
(1/17) [الدليل
على تفاضل أهل الإيمان فيه]
(1/18) قال: " أن
تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»
(1) .
(1/19) جـ: ضده
الشرك، وهو نوعان: شرك أكبر ينافيه بالكلية، وشرك أصغر ينافي كماله.
(1/20) [الشرك
الأصغر]
(1/21) صلى الله
عليه وسلم: «لا تقولوا والكعبة، ولكن قولوا ورب الكعبة» (1) . وقال صلى
الله عليه وسلم: " «لا تحلفوا إلا بالله» (2) وقال صلى الله عليه وسلم:
«من حلف بالأمانة فليس منا» (3) وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير
الله فقد كفر أو أشرك» (4) وفي رواية: (وأشرك) . ومنه قوله: ما شاء الله
وشئت. وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال ذلك: «أجعلتني لله ندا بل
ما شاء الله وحده» (5) . ومنه قول: لولا الله وأنت، وما لي إلا الله
وأنت، وأنا داخل على الله وعليك، ونحو ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: «لا
تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء
(1/22) فلان» (1)
. قال أهل العلم: ويجوز لولا الله ثم فلان، ولا يجوز لولا الله وفلان.
(1/23) الآيات،
وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ
مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
[الروم: 40] وقال تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ
الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11] وقال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ
غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ - أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 35 - 36] الآيات، وقال تعالى:
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ
وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] وقال
تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
[الشورى: 11] وقال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ
يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء:
111] وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ
لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي
الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ
ظَهِيرٍ - وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ
لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ
رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 22 -
23] .
(1/24) {وَإِنْ
يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ
يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: 107] الآية، وقال
تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ
أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ
أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ
اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38] وقال تبارك
وتعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}
[الأنعام: 59] الآيات، وقال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] وقال
تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}
[البقرة: 255] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: "
العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدا منهما أسكنته ناري» (1)
. وهو في الصحيح.
(1/25) {قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1 - 2] » والصمد
الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] ؛ لأنه ليس شيء يولد إلا
سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] قال: لم يكن له شبيه
ولا عديل، وليس كمثله شيء (1) .
(1/26) [مثال
الأسماء الحسنى من القرآن]
(1/27) يا بديع
السماوات والأرض» (1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الذي لا يضر
مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» (2) وقوله صلى
الله عليه وسلم: «اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض، رب
كل شيء ومليكه» (3) . الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم رب
السماوات السبع، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى،
منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته،
أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس
فوقك شيء، أنت الباطن فليس دونك شيء» (4) . الحديث، وقوله صلى الله عليه
وسلم: «اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات
(1/28) والأرض
ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن» (1) . الحديث،
وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا
إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» (2)
. وقوله صلى الله عليه وسلم: «يا مقلب القلوب» (3) . الحديث، وغير ذلك
كثير.
(1/29) تضمنا،
وعلى غيرها من الصفات التي لم تشتق منها كالحياة والقدرة التزاما، وهكذا
سائر أسمائه، وذلك بخلاف المخلوق، فقد يسمى حكيما وهو جاهل، وحكما وهو
ظالم، وعزيزا وهو ذليل، وشريفا وهو وضيع وكريما وهو لئيم، وصالحا وهو
طالح، وسعيدا وهو شقي، وأسدا وحنظلة وعلقمة وليس كذلك، فسبحان الله
وبحمده هو كما وصف نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه.
(1/30) بأي
إطلاق، كالحي القيوم الأحد الصمد ونحو ذلك، ومنها ما لا يطلق على الله
إلا مع مقابله، وهو ما إذا أفرد أوهم نقصا كالضار النافع، والخافض
الرافع، والمعطي المانع، والمعز المذل، ونحو ذلك، فلا يجوز إطلاق الضار
ولا الخافض ولا المانع ولا المذل على انفراده، ولم يطلق قط شيء منها في
الوحي كذلك لا في الكتاب ولا في السنة، ومن ذلك اسمه تعالى المنتقم، لم
يطلق في القرآن إلا مع متعلقه كقوله تعالى: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ
مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: 22] أو بإضافة ذو إلى الصفة المشتق منها كقوله
تعالى: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4] .
(1/31) نفقة،
سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم
يغض ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الفيض أو القبض، يرفع
ويخفض» (1) وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: «إن الله لا يخفى
عليكم إن الله ليس بأعور» (2) وأشار بيده إلى عينه. الحديث، وفي حديث
الاستخارة: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك
العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب» (3) .
الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، تدعون
سميعا بصيرا قريبا» (4) . وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله أن
يوحي بالأمر تكلم بالوحي» (5) . الحديث، وفي حديث البعث: «يقول الله
تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك» (6) . الحديث، وأحاديث كلام الله لعباده في
الموقف، وكلامه لأهل الجنة وغير ذلك ما لا يحصى.
(1/32) وقوله
تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]
وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}
[الأعراف: 145] وقوله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ
مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] وغيرها من الآيات.
(1/33) الحديث،
وغيرها كثير.
(1/34) خلقه،
بائن منهم، رقيب عليهم، يعلم ما هم عليه، قد أحاط بكل شيء علما، لا تخفى
عليه منهم خافية. وعلو قهره فلا مغالب له ولا منازع ولا مضاد ولا ممانع،
بل كل شيء خاضع لعظمته، ذليل لعزته، مستكين لكبريائه، تحت تصرفه وقهره،
لا خروج له من قبضته. وعلو شأنه، فجميع صفات الكمال له ثابتة، وجميع
النقائص عنه منتفية، عز وجل وتبارك وتعالى، وجميع هذه المعاني للعلو
متلازمة لا ينفك معنى منها عن الآخر.
(1/35) " اعتقها
فإنها مؤمنة» (1) وأحاديث معراج النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى
الله عليه وسلم في حديث تعاقب الملائكة: «ثم يعرج الذين باتوا فيكم
فيسألهم وهو أعلم بهم» (2) . الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من تصدق
بعدل ثمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب» (3) . الحديث، وقوله
صلى الله عليه وسلم في حديث الوحي: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت
الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان» (4) . الحديث،
وغير ذلك كثير، وقد أقر بذلك جميع المخلوقات إلا الجهمية.
(1/36) [دليل علو
القهر من الكتاب]
(1/37) [دليل علو
الشأن]
(1/38) بجميعها،
ومنها أن ما كان يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم فيمرن العبد نفسه على
أن يصح له الاتصاف بها فيما يليق به وما كان يختص به نفسه تعالى كالجبار
والعظيم والمتكبر، فعلى العبد الإقرار بها والخضوع لها وعدم التحلي بصفة
منها، وما كان فيه معنى الوعد كالغفور الشكور العفو الرؤوف الحليم الجواد
الكريم، فليقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد كعزيز ذي
انتقام شديد العقاب سريع الحساب، فليقف منه عند الخشية والرهبة. ومنها
شهود العبد إياها وإعطاؤها حقها معرفة وعبودية، مثاله من شهد علو الله
تعالى على خلقه وفوقيته عليهم واستواءه على عرشه بائنا من خلقه مع إحاطته
بهم علما وقدرة وغير ذلك، وتعبد بمقتضى هذه الصفة بحيث يصير لقلبه صمدا
يعرج إليه مناجيا له مطرقا واقفا بين يديه وقوف العبد الذليل بين يدي
الملك العزيز، فيشعر بأن كلمه وعمله صاعد إليه معروض عليه فيستحي أن يصعد
إليه من كلمه وعمله ما يخزيه ويفضحه هنالك، ويشهد نزول الأمر والمراسيم
الإلهية إلى أقطار العوالم كل وقت بأنواع التدبير والتصرف من الإماتة
والإحياء والإعزاز والإذلال، والخفض والرفع والعطاء والمنع وكشف البلاء
وإرساله ومداولة الأيام بين الناس إلى غير ذلك من التصرفات في المملكة
التي لا يتصرف فيها سواه، فمراسيمه نافذة فيها كما يشاء {يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي
يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5]
فمن وفى هذا المشهد حقه معرفة وعبودية فقد استغنى بربه وكفاه، وكذلك من
شهد علمه المحيط وسمعه وبصره وحياته وقيوميته وغيرها ولا يرزق هذا
(1/39) المشهد
إلا السابقون المقربون.
(1/40) مخ
العبادة، صرفها لغير الله من دون الله، فهذا شرك في الإلهية، وسؤاله إياه
تلك الحاجة من جلب خير أو دفع شر معتقدا أنه قادر على قضاء ذلك، هذا شرك
في الربوبية حيث اعتقد أنه متصرف مع الله في ملكوته، ثم إنه لم يدعه هذا
الدعاء من دون الله إلا مع اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب في أي وقت
كان وفي أي مكان ويصرحون بذلك، وهو شرك في الأسماء والصفات حيث أثبت له
سمعا محيطا بجميع المسموعات، لا يحجبه قرب ولا بعد، فاستلزم هذا الشرك في
الإلهية الشرك في الربوبية والأسماء والصفات.
(1/41) {لَا
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ - يُسَبِّحُونَ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19 - 20] ولا يسأمون
ولا يستحسرون.
(1/42) تعالى:
{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ
إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ
النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}
[البقرة: 136] الآيات، وغيرها كثير، ويكفي في ذلك قوله تعالى: {وَقُلْ
آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} [الشورى: 15]
(1/43) التوراة:
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً
وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: 145] وقال في عيسى:
{وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ} [المائدة: 46] وقال تعالى: {وَآتَيْنَا
دَاوُدَ زَبُورًا} [النساء: 163] وتقدم ذكرها بلفظ التنزيل، وقال تعالى
في شأن القرآن: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ
أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ
شَهِيدًا} [النساء: 166] وقال تعالى فيه: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ
لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}
[الإسراء: 106] وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
- نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ
الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 - 195]
الآيات، وقال تعالى فيه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا
جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ - لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ
بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}
[فصلت: 41 - 42] الآيات، وغيرها كثير.
(1/44) وغير ذلك.
(1/45) دون
المعاني، ولا المعاني دون الحروف، تكلم الله به قولا وأنزله على نبيه
وحيا، وآمن به المؤمنون حقا، فهو وإن خط بالبنان وتلي باللسان وحفظ
بالجنان وسمع بالآذان وأبصرته العينان لا يخرجه ذلك عن كونه كلام الرحمن،
فالأنامل والمداد والأقلام والأوراق مخلوقة، والمكتوب بها غير مخلوق
والألسن والأصوات مخلوقة، والمتلو بها على اختلافها غير مخلوق، والصدور
مخلوقة والمحفوظ فيها غير مخلوق، والأسماع مخلوقة والمسموع غير مخلوق،
قال الله تعالى:
(1/46) النبي صلى
الله عليه وسلم: «إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي» (1) .
الحديث - ولهذا قال السلف الصالح رحمهم الله في صفة الكلام: إنها صفة ذات
وفعل معا، فالله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال متصفا بالكلام أزلا وأبدا
وتكلمه وتكليمه بمشيئته وإرادته، فيتكلم إذا شاء متى شاء وكيف شاء بكلام
يسمعه من يشاء وكلامه صفته لا غاية له ولا انتهاء {قُلْ لَوْ كَانَ
الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ
تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف:
109] {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ
وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ
كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27] {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا
وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
[الأنعام: 115]
(1/47) قيل: غير
مخلوق شمل المعنى الأول الذي هو فعل العبد، وهذا من بدع الاتحادية، ولهذا
قال السلف الصالح رحمهم الله تعالى: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي،
ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع (1) .
(1/48) إدريس
مكانا عليا، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه
وأن الله فضل بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات.
(1/49) {وَقَالَ
الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة: 72] {قُلْ إِنَّمَا أَنَا
مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [ص:
65] وغيرها من الآيات.
(1/50) وإلياس
وزكريا ويحيى واليسع وذا الكفل وداود وسليمان وأيوب، وذكر الأسباط جملة،
وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين.
(1/51) س: ما
الدليل على ذلك؟
(1/52) وقال صلى
الله عليه وسلم: " «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة
شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة
فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي
يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» (1) وقال صلى الله عليه وسلم:
«والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت
ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» (2) . وله صلى الله
عليه وسلم من الخصائص غير ما ذكرنا فتتبعها من النصوص.
(1/53) [دليل
إعجاز القرآن الكريم]
(1/54) ذلك من
الآيات.
(1/55) [مثال
أمارات الساعة من الكتاب]
(1/56) تعالى:
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58] وغير
ذلك من الآيات، وفيه من الأحاديث ما لا يحصى، والأمر مشاهد لا يجهله أحد
وليس فيه شك ولا تردد، ولكن عناد واستكبار ولا يعمل على موجب إيمانه به
وبما بعده إلا عباد الله المخلصون، ونؤمن أن كل من مات أو قتل أو بأي سبب
كان إن ذلك بأجله لم ينقص منه شيئا، قال الله تعالى: {كُلٌّ يَجْرِي
لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد: 2] وقال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ
لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]
(1/57) الله
ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من
الجنة. فيراهما جميعا» - قال قتادة: وذُكر لنا أنه يفسح في قبره، ثم رجع
إلى حديث أنس - قال: «وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا
الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا
تليت. ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين»
(1) . وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من
أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال:
هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة» (2) . وحديث القبرين وفيه: «إنهما
ليعذبان» (3) . وحديث أبي أيوب رضي الله عنه قال: «خرج النبي صلى الله
عليه وسلم وقد وجبت الشمس، فسمع صوتا فقال: " يهود تعذب في قبورها» (4) .
وحديث أسماء: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فذكر فتنة القبر
التي يفتتن فيها المرء، فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة» (5) وقالت عائشة
رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدُ صلى صلاة إلا
تعوذ من عذاب القبر» (6) . «وفي قصة الكسوف وأمرهم صلى الله عليه وسلم "
أن يتعوذوا من عذاب القبر» (7) . وكل هذه الأحاديث في الصحيح،
(1/58) وقد سقنا
منها نحو ستين حديثا من طرق ثابتة عن الجماعة من الصحابة يرفعونها في
شرحنا على (السلَّم) فليراجع.
(1/59) ولا مدفن
ميت إلا شقت القبر عنه حتى تجعله من عند رأسه فيستوى جالسا، فيقول: ربك
(مهيم) ؟ لما كان فيه. يقول: رب، أمس اليوم. ولعهده بالحياة يحسبه حديثا
بأهله. فقلت: يا رسول الله كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح والبلى
والسباع؟ قال: أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرفت عليها وهي مدرة
بالية فقلت: لا تحيا أبدا. ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء فلم تلبث
عليك إلا أياما حتى أشرفت عليها وهي بشرية واحدة، ولعمر إلهك لهو أقدر
على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فيخرجون من الأصواء من
مصارعهم» (1) . الحديث، وغيره كثير.
(1/60) وقال
تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى
وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ
عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن: 7] وغيرها من الآيات، وفي الصحيحين عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله
تعالى (كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما
تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من
إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد لم ألد
ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد» (1) .
(1/61) الصور
الطويل، فإن فيه ذكر ثلاث نفخات: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة القيام
لرب العالمين.
(1/62) القيامة»
(1) وقال صلى الله عليه وسلم: «إنكم محشورون حفاة عراة غرلا {كَمَا
بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] الآية، وإن أول
الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم» (2) . الحديث، «وقالت عائشة رضي الله
عنها في ذلك: يا رسول الله، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض. فقال: "
الأمر أشد من أن يهمهم ذلك» (3) .
(1/63) قال:
«يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ويلجمهم
حتى يبلغ آذانهم» (1) . وهذه في الصحيح، وغيرها كثير.
(1/64) سألتك ما
هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا الشرك» (1) .
وقال صلى الله عليه وسلم: " «وما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه
وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم
منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه،
فاتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة» ، وقال صلى الله عليه وسلم:
«يدنو أحدكم - يعني المؤمنين - من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول: أعملت
كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، فيقرره، ثم
يقول: إني سترت عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم» (2) وغير ذلك من
الأحاديث.
(1/65) يؤتاه من
وراء ظهره، والعياذ بالله عز وجل.
(1/66) وقال
تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ - وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا
يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 8 - 9] وقال تعالى في الكافرين: {فَلَا نُقِيمُ
لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105] وغير ذلك من الآيات.
(1/67) [دليل
الصراط من الكتاب]
(1/68) جـ: فيه
أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين الناس في
الدماء» (1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمة لأخيه
فليتحلل منه اليوم فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من
حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه» (2) . وقوله
صلى الله عليه وسلم: «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين
الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض» (3) مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى
إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة. كلها في الصحيح، وغيرها كثير.
(1/69) الكوثر»
(1) . وغير ذلك من الأحاديث فيه كثيرة.
(1/70) أسكن آدم
وزوجه الجنة قبل أكلهما من الشجرة، وأخبرنا تعالى بأن الكفار يعرضون على
النار غدوا وعشيا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اطلعت في الجنة فرأيت
أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء» (1) .
الحديث، وتقدم في فتنة وعذاب القبر: «إذا مات أحدكم يعرض عليه مقعده» (2)
الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح
جهنم» (3) وقال صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النار إلى ربها عز وجل فقالت:
ربي أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد
ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير» (4) وقال صلى الله عليه
وسلم: «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء» (5) وقال صلى الله عليه وسلم:
«لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال: اذهب فانظر
إليها» (6) . الحديث، وقد عرضتا عليه صلى الله عليه وسلم في مقامه يوم
كسفت الشمس وعرضت عليه ليلة الإسراء، وفي ذلك من الأحاديث الصحيحة ما لا
يحصى.
(1/71) جـ: قال
الله تعالى في الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ} [التوبة: 100] وقال تعالى: {وَمَا هُمْ مِنْهَا
بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48] وقال تعالى فيها: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}
[هود: 108] وقال تعالى: {لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة:
33] وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} [ص:
54] وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان: 51]
إلى قوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ
الْأُولَى} [الدخان: 56] وغيرها من الآيات، فأخبر تعالى بأبديتها وأبدية
حياة أهلها، وعدم انقطاعها عنهم وعدم خروجهم منها، وكذلك النار قال تعالى
فيها: {إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء:
169] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ
سَعِيرًا - خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا
نَصِيرًا} [الأحزاب: 64 - 65] وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}
[الجن: 23] وقال تعالى: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}
[البقرة: 167] وقال تعالى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ
مُبْلِسُونَ} [الزخرف: 75] وقال تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ
فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36] وقال
تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ
لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} [طه: 74] وغير ذلك من الآيات، فأخبرنا
تعالى في هذه الآيات وأمثالها أن أهل النار الذين هم أهلها خلقت لهم
وخلقوا لها، أنهم خالدون فيها أبدا، فنفى تعالى خروجهم منها بقوله:
{وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167] ونفى انقطاعها
عنهم بقوله: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزخرف: 75] ونفى فناءهم فيها
بقوله: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} [الأعلى: 13] وقال
النبي صلى الله عليه وسلم: " «أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا
يموتون فيها ولا يحيون» (1) . الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا
(1/72) صار أهل
الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة
والنار ثم يذبح ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا
موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم»
(1) وفي لفظ: كل خالد فيما هو فيه، وفي رواية: «ثم قرأ رسول الله صلى
الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ
الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39] » ،
وهي في الصحيح، وفي ذلك أحاديث غير ما ذكرنا.
(1/73) كلامه على
التشبيه، وهو أعلم الخلق بالله عز وجل، وفي حديث صهيب عند مسلم: «فيكشف
الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل» (1) ثم تلا
هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]
وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة صريحة ذكرنا منها في شرح (سلم الوصول) خمسة
وأربعين حديثا عن أكثر من ثلاثين صحابيا. ومن رد ذلك فقد كذب بالكتاب
وبما أرسل الله به رسله، وكان من الذين قال الله تعالى فيهم: {كَلَّا
إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]
نسأل الله تعالى العفو والعافية، وأن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه آمين.
(1/74)
{يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: 109] وهو سبحانه لا يرتضي إلا
أهل التوحيد والإخلاص، وأما غيرهم فقال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] وقال تعالى عنهم: {فَمَا
لَنَا مِنْ شَافِعِينَ - وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 100 - 101]
وقال تعالى فيهم: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر:
48] وقد «أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتي الشفاعة، ثم أخبر أنه
يأتي فيسجد تحت العرش ويحمد ربه بمحامد يعلمه إياها، لا يبدأ بالشفاعة
أولا حتى يقال له: " ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعط واشفع تشفع» (1) .
الحديث، ثم أخبر أنه لا يشفع في جميع العصاة من أهل التوحيد دفعة واحدة،
بل قال: «فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة» ، ثم يرجع فيسجد كذلك فيحد له حدا
إلى آخر حديث الشفاعة، وقال له أبو هريرة رضي الله عنه: من أسعد الناس
بشفاعتك؟ قال: «من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه» (2) .
(1/75) وكلهم
يقول نفسي نفسي إلى أن ينتهوا إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول:
«أنا لها» (1) كما جاء مفصلا في الصحيحين وغيرهما.
(1/76) [معنى
حديث لن يدخل الجنة أحد عمله والجمع بينه وبين آية وَنُودُوا أَنْ
تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]
(1/77) وقال
تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ
اللَّهِ} [آل عمران: 166] وقال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ
مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ -
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 156 - 157] وغير ذلك من الآيات، وتقدم في
حديث جبريل: «وتؤمن بالقدر خيره وشره» (1) وقال صلى الله عليه وسلم:
«واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك» (2) وقال صلى
الله عليه وسلم: " «وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا
ولكن قل قدر الله وما شاء فعل» (3) وقال صلى الله عليه وسلم: «كل شيء
بقدر حتى العجز والكيس» (4) وغير ذلك من الأحاديث.
(1/78) والقلم.
المرتبة الثالثة: الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، وهما
متلازمتان من جهة ما كان وما سيكون ولا ملازمة بينهما من جهة ما لم يكن
ولا هو كائن؛ فما شاء الله تعالى فهو كائن بقدرته لا محالة وما لم يشأ
الله تعالى لم يكن لعدم مشيئة الله إياه لا لعدم قدرة الله عليه، تعالى
الله عن ذلك وعز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي
السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}
[فاطر: 44] المرتبة الرابعة: الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء، وأنه
ما من ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا فيما بينهما إلا والله خالقها
وخالق حركاتها وسكناتها سبحانه، لا خالق غيره ولا رب سواه.
(1/79) وفي
الصحيح قال رجل: «يا رسول الله أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: " نعم
". قال: فلم يعمل العاملون؟ قال: " كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له»
(1) «وفيه: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين؟ فقال: "
الله أعلم بما كانوا عاملين» (2) وفي مسلم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق
للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» (3) وفيه: قال صلى الله عليه
وسلم: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار،
وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة» (4)
وفيه: وقال صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من نفس إلا وقد علم الله منزلها
من الجنة والنار» قالوا: يا رسول الله، فلم نعمل أفلا نتكل، قال: «لا
اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (5) ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى
وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 5 - 6]- إلى قوله -
{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 10] وغير ذلك من الأحاديث.
(1/80) وقال
تعالى: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ
وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي
كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [فاطر: 11] وغير ذلك من
الآيات. وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله
مكانها من الجنة والنار وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة» (1) . رواه مسلم،
وفيه قال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله، بين لنا ديننا كأنا خلقنا
الآن، فيم العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما
نستقبل؟ قال: «لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير» ، قال: ففيم
العمل؟ فقال: «اعملوا فكل ميسر» - وفي رواية - «كل عامل ميسر لعمله» (2)
وغير ذلك من الأحاديث.
(1/81) «كتب الله
مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال وعرشه
على الماء» (1) وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما خلق الله القلم فقال
له: اكتب فقال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة»
(2) . الحديث في السنن، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة جف القلم
بما هو كائن» (3) . الحديث في البخاري، وغير ذلك كثير.
(1/82) : {وَإِذْ
أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى
شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] فقال عمر بن الخطاب: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يسأل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تبارك
وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه حتى استخرج منه ذريته فقال: خلقت
هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال:
خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون» (1) . الحديث بطوله، وفي
الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال: «أتدرون ما هذان الكتابان»
؟ فقلنا، لا يا رسول الله، إلا أن تخبرنا. فقال للذي في يده اليمنى: «هذا
كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل
على آخرهم فلا يزاد فيه ولا ينقص منهم أبدا» (2) فقال أصحابه: ففيم العمل
يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟! فقال: «سددوا وقاربوا فإن صاحب
الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له
بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيده فنبذهما ثم
(1/83) قال: «فرغ
ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير» . قال الترمذي: هذا حديث
حسن صحيح غريب.
(1/84) [دليل
التقدير اليومي]
(1/85) أسبابا،
وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد، وقد يسر كلا من خلقه
لما خلقه له في الدنيا والآخرة، فهو مهيأ له ميسر له، فإذا علم العبد أن
مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها كان أشدّ اجتهادا في فعلها
والقيام بها وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه، وقد فقه هذا كل
الفقه من قال من الصحابة لما سمع أحاديث القدر: ما كنت أشدّ اجتهادا مني
الآن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله
ولا تعجز» (1) . وقال صلى الله عليه وسلم لما قيل له: «أرأيت دواء نتداوى
به ورقى نسترقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: " هي من قدر الله» (2)
. يعني أن الله تعالى قدر الخير والشر وأسباب كل منهما.
(1/86) {إِنَّمَا
قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}
[النحل: 40] {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ
لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا
حَرَجًا} [الأنعام: 125] وغير ذلك من الآيات ما لا يحصى. وقال صلى الله
عليه وسلم: «قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها
كيف يشاء» (1) وقال صلى الله عليه وسلم في نومهم في الوادي: «إن الله
تعالى قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء» (2) وقال: «اشفعوا تؤجروا
ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء» (3) «لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان
ولكن قولوا ما شاء الله وحده» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله
تعالى به خيرا يفقهه في الدين» (4) «وإذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض
نبيها قبلها، وإذا أراد الله هلكة أمة عذبها ونبيها حي» (5) . وغير ذلك
من الأحاديث في ذكر المشيئة والإرادة ما لا يحصى.
(1/87) جـ: اعلم
أن الإرادة في النصوص جاءت على معنيين: إرادة كونية قدرية وهي المشيئة
ولا ملازمة بينها وبين المحبة والرضا بل يدخل فيها الكفر والإيمان
والطاعات والعصيان والمرضيّ والمحبوب والمكروه وضده، وهذه الإرادة ليس
لأحد خروج منها ولا محيص عنها كقوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ
يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ
يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125] وقوله تعالى:
{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ
شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ
قُلُوبَهُمْ} [المائدة: 41] الآيات، وغيرها. وإرادة دينية شرعية مختصة
بمراضي الله ومحابه، وعلى مقتضاها أمر عباده ونهاهم كقوله تعالى:
{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}
[البقرة: 185] وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ
وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26] وغيرها من الآيات، وهذه الإرادة
لا يحصل اتباعها إلا لمن سبقت له بذلك الإرادة الكونية، فتجتمع الإرادة
الكونية والشرعية في حق المؤمن الطائع وتنفرد الكونية في حق الفاجر
العاصي، فالله سبحانه دعا عباده عامة إلى مرضاته، وهدى لإجابته من شاء
منهم كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ
وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] فعمم
سبحانه الدعوة وخص الهداية بمن شاء {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ
ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [النجم: 30]
(1/88) تعالى:
{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}
[لقمان: 11] وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ
ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ
يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الروم: 40] وقال تعالى: {وَاللَّهُ
خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] وقال تعالى: {وَنَفْسٍ
وَمَا سَوَّاهَا - فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7 -
8] وقال تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ
يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 178] وقال تعالى:
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي
قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ
وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] وغير ذلك من الآيات، وللبخاري في خلق أفعال
العباد عن حذيفة مرفوعا: «أن الله يصنع كل صانع وصنعته» (1) وقال النبي
صلى الله عليه وسلم: «اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها إنك
وليها ومولاها» (2) وغير ذلك من الأحاديث.
(1/89) وقال
تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}
[الزخرف: 76] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا
وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: 44]
(1/90) تصرف الله
في عباده، فمن أضاف الفعل والانفعال إلى العبد كفر، ومن أضافه إلى الله
كفر، ومن أضاف الفعل إلى الخالق والانفعال إلى المخلوق كلاهما حقيقة، فهو
المؤمن حقيقة.
(1/91) خالقا
لها، فأثبت مع الله تعالى خالقا، بل أثبت أن (جميع المخلوقين خالقون) ،
ومن أثبته محتجا به على الشرع محاربا له به نافيا عن العبد قدرته
واختياره التي منحه الله تعالى إياها وكلفه بحسبها زاعما أن الله كلف
عباده ما لا يطاق، كتكليف الأعمى بنقط المصحف، فقد نسب الله تعالى إلى
الظلم وكان إمامه في ذلك إبليس لعنه الله تعالى إذ يقول: {قَالَ فَبِمَا
أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف:
16] وأما المؤمنون حقا فيؤمنون بالقدر خيره وشره وأن الله خالق ذلك كله،
وينقادون للشرع أمره ونهيه ويحكمونه في أنفسهم سرا وجهرا، والهداية
والإضلال بيد الله يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بعدله، وهو أعلم
بمواقع فضله وعدله {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ
أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [النجم: 30] وله في ذلك الحكمة البالغة والحجة
الدامغة، وأن الثواب والعقاب مترتب على الشرع فعلا وتركا على القدر،
وإنما يعزون أنفسهم بالقدر عند المصائب، فإذا وفقوا لحسنه عرفوا الحق
لأهله فقالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا
لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] ولم يقولوا
كما قال الفاجر: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]
وإذا اقترفوا سيئة قالوا كما قال الأبوان: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] ولم يقولوا كقول الشيطان الرجيم: {رَبِّ
بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39] وإذا أصابتهم مصيبة قالوا: {إِنَّا
لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] ولم يقولوا كما قال
الذين كفروا: {وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ
أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا
لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي
وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آل عمران: 156]
(1/92) [شعب
الإيمان]
(1/93) الإيمان
بالله، ويدخل فيها الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] واعتقاد حدوث ما دونه
والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره، والإيمان باليوم الآخر،
ويدخل فيه المسألة في القبر والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط
والجنة والنار، ومحبة الله والحب والبغض فيه ومحبة النبي صلى الله عليه
وسلم واعتقاد تعظيمه، ويدخل فيه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم واتباع
سنته والإخلاص، ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق والتوبة والخوف والرجاء
والشكر والوفاء والصبر والرضا بالقضاء والتوكل والرحمة والتواضع، ويدخل
فيه توقير الكبير ورحمة الصغير وترك التكبر والعجب وترك الحسد وترك الحقد
وترك الغضب، وأعمال اللسان، وتشتمل على سبع خصال: التلفظ بالتوحيد وتلاوة
القرآن وتعلم العلم وتعليمه، والدعاء والذكر ويدخل فيه الاستغفار واجتناب
اللغو وأعمال البدن، وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة منها ما يتعلق
بالأعيان وهي خمس عشرة خصلة: التطهر حسا وحكما ويدخل فيه إطعام الطعام
وإكرام الضيف، والصيام فرضا ونفلا والاعتكاف والتماس ليلة القدر والحج
والعمرة والطواف كذلك، والفرار بالدين ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك
والوفاء بالنذر والتحري في الإيمان وأداء الكفارات، ومنها ما يتعلق
بالاتباع وهي ست خصال: التعفف بالنكاح والقيام بحقوق العيال، وبر
الوالدين ويدخل فيه اجتناب العقوق وتربية الأولاد وصلة الرحم وطاعة
السادة والرفق بالعبيد، ومنها ما يتعلق بالعامة، وهي سبع عشرة خصلة:
القيام بالإمارة مع العدل ومتابعة الجماعة وطاعة أولي الأمر
(1/94) والإصلاح
بين الناس، ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة والمعاونة على البر، ويدخل
فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود والجهاد، ومنه
المرابطة وأداء الأمانة، ومنه أداء الخمس والقرض مع وفائه وإكرام الجار
وحسن المعاملة، ويدخل فيه جمع المال من حله وإنفاقه في حقه، ويدخل فيه
ترك التبذير والإسراف، ورد السلام وتشميت العاطس وكف الضرر عن الناس
واجتناب اللهو وإماطة الأذى عن الطريق، فهذه تسع وستون خصلة، ويمكن عدها
سبعا وسبعين خصلة باعتبار إفراد ما ضم بعضها إلى بعض مما ذكر، والله
أعلم.
(1/95) فبين صلى
الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين، أعلاهما عبادة الله
كأنك تراه، وهذا مقام المشاهدة، وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله
تعالى بقلبه وهو أن يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى
يصير الغيب كالعيان، وهذا هو حقيقة مقام الإحسان. الثاني: مقام المراقبة
وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه
فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى؛ لأن
استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته
بالعمل، ويتفاوت أهل هذين المقامين بحسب نفوذ البصائر.
(1/96) جـ: قد
قدمنا لك أن الإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان
والجوارح، فقول القلب هو: التصديق، وقول اللسان هو: التكلم بكلمة
الإسلام، وعمل القلب هو: النية والإخلاص، وعمل الجوارح هو الانقياد بجميع
الطاعات، فإذا زالت جميع هذه الأربعة قول القلب وعمله وقول اللسان وعمل
الجوارح زال الإيمان بالكلية، وإذا زال تصديق القلب لم تنفع البقية، فإن
تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة، وذلك كمن كذب بأسماء الله
وصفاته أو بأي شيء مما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، وإنزال عمل
القلب مع اعتقاد الصدق، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان كله بزواله
وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب، وهو محبته وانقياده كما لم
ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق
الرسول بل ويقرون به سرا وجهرا ويقولون: ليس بكاذب ولكن لا نتبعه ولا
نؤمن به.
(1/97) وقال
تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا
يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] الآيات، وغيرها.
(1/98) {إِنَّ
اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] وغيرها من الآيات.
(1/99) ذر» (1) .
فهذا يدل على أنه لم ينف عن الزاني والسارق والشارب والقاتل مطلق الإيمان
بالكلية مع التوحيد فإنه لو أراد ذلك لم يخبر بأن من مات على لا إله إلا
الله دخل الجنة وإن فعل تلك المعاصي، فلن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة،
وإنما أراد بذلك نقص الإيمان ونفي كماله، وإنما يكفر العبد بتلك المعاصي
مع استحلاله إياها المستلزم لتكذيب الكتاب والرسول في تحريمها بل يكفر
باعتقاد حلها وإن لم يفعلها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1/100) بالعملي
المحض الذي لم يستلزم الاعتقاد ولم يناقض قول القلب ولا عمله.
(1/101) نزلت في
الوليد بن عقبة.
(1/102) [حد
الساحر]
(1/103) واعتقد كل
من الراقي والمرتقي أن تأثيرها لا يكون إلا بإذن الله عز وجل، «فإنَّ
النبي صلى الله عليه وسلم قد رقاه جبريل عليه السلام» (1) ورقى هو كثيرا
من الصحابة وأقرهم على فعلها بل وأمرهم بها وأحل لهم أخذ الأجرة عليها،
كل ذلك في الصحيحين وغيرهما.
(1/104) «من علق
تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له» (1) وفي رواية:
«من تعلق تميمة فقد أشرك» (2) «وقال صلى الله عليه وسلم للذي رأى في يده
حلقة من صفر: " ما هذا "؟ فقال: من الواهنة. قال: " انزعها فإنها لا
تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا» (3) وقطع حذيفة رضي
الله عنه خيطا من يد رجل، ثم تلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ
أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] وقال
سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: (من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة)
(4) وهذا في حكم المرفوع.
(1/105) [حكم
التعاليق من القرآن]
(1/106) [حكم من
صدق كاهنا]
(1/107) في قوم
يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم: " ما أرى من فعل ذلك له عند الله من
خلاق " (1) وقال قتادة رحمه الله تعالى: خلق الله هذه النجوم لثلاث زينة
للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك فقد
أخطأ حظه وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به (2) .
(1/108) عدوى ولا
طيرة ولا هامة ولا صفر» (1) وقال صلى الله عليه وسلم: «الطيرة شرك،
الطيرة شرك» . قال ابن مسعود وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل (2)
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك» (3) ولأحمد من
حديث عبد الله بن عمرو: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك " قالوا: فما
كفارة ذلك؟ قال: " أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا
إله غيرك» (4) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصدقها الفأل ولا ترد
مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات
(1/109) إلا أنت،
ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك» (1) .
(1/110) باجتناب
الكبائر وبفعل الحسنات، وكذلك جاء في الحديث: «وأتبع السيئة الحسنة
تمحها» (1) وكذلك جاء في الأحاديث الصحيحة أن إسباغ الوضوء على المكاره،
ونقل الخطا إلى المساجد والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى
رمضان وقيام ليلة القدر وصيام عاشوراء وغيرها من الطاعات أنها كفارات
للسيئات والخطايا، وأكثر تلك الأحاديث فيها تقييد ذلك باجتناب الكبائر،
وعليه يحمل المطلق منها فيكون اجتناب الكبائر شرطا في تكفير الصغائر
بالحسنات وبدونها.
(1/111) الوالدين
وغير ذلك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " هي إلى السبعين أقرب منها إلى
السبع) (1) اهـ. ومن تتبع الذنوب التي أطلق عليها أنها كبائر وجدها أكثر
من السبعين، فكيف إذا تتبع جميع ما جاء عليه الوعيد الشديد في الكتاب
والسنة من إتباعه بلعنة أو غضب أو عذاب أو محاربة أو غير ذلك من ألفاظ
الوعيد، فإنه يجدها كثيرة جدا.
(1/112) راحلته
عنده» (1) .
(1/113) توبة
مقبولة حينئذ ولا فكاك ولا خلاص {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] وذلك
قوله عز وجل عقب هذه الآية: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ
يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: 18] الآية.
(1/114) وقال
تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا
وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} [آل عمران: 30] الآية، وقال تعالى: {يَوْمَ
تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ
مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل: 111] وقال تعالى:
{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى
كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281] وقال
تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا
أَعْمَالَهُمْ - فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ -
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 6 - 8] وغير
ذلك من الآيات، «وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من نوقش الحساب عذب "
(1) فقالت له عائشة رضي الله عنها: أليس يقول الله: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ
حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] قال: " بلى وإنما ذلك العرض ولكن من
نوقش الحساب عذب» . وقد قدمنا من النصوص في الحشر وأحوال الموقف والميزان
ونشر الصحف والعرض والحساب والصراط والشفاعات وغيرها ما يعلم به تفاوت
مراتب الناس وتباين أحوالهم في الآخرة بحسب تفاوتهم في الدار الدنيا في
طاعة ربهم وضدها من سابق ومقتصد وظالم لنفسه، إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي
أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية ودرج عليه السلف الصالح والصدر
الأول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أئمة التفسير والحديث والسنة
أن العصاة من أهل التوحيد على ثلاث طبقات:
(1/115) الثانية:
قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم
حسناتهم عن النار، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم
يقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة
كما قال الله تعالى بعد أن أخبر بدخول أهل الجنة الجنة، وأهل النار
النار، وتناديهم فيها، قال: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ
رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ
الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ
يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46]- إلى قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ
عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف: 49]
(1/116) بضد ذلك،
والأحاديث في هذا الباب لا تحصى كثرة وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه
وسلم بقوله: «من قال: لا إله إلا الله نفعته يوما من الدهر يصيبه قبل ذلك
ما أصابه» (1) . وهذا مقام ضلت فيه الأفهام وزلت فيه الأقدام واختلفوا
فيه اختلافا كثيرا: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا
اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ
يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213]
(1/117) اليسير
الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالعرض، وقال في صفته: «يدنو أحدكم
من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه فيقول: عملت كذا وكذا، فيقول: نعم،
ويقول: عملت كذا وكذا، فيقول: نعم. فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في
الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم» (1) . وأما الذين يدخلون النار بذنوبهم
فهم ممن يناقش الحساب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من نوقش الحساب عذب»
".
(1/118) الصراط
المستقيم جميعا ولا تفرقوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان
أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه،
فالصراط الإسلام والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك
الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في
قلب كل مسلم» (1) .
(1/119) هالك» (1)
.
(1/120) [أقسام
البدعة باعتبار إخلالها بالدين]
(1/121) نفسانية
وأغراض دنيوية.
(1/122) وظلم» (1)
. ونحو ذلك.
(1/123) وقال
تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ
حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74] وقال تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]
وقال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة:
117] الآية، وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ
أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ
اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ
الصَّادِقُونَ - وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ
قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي
صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 8 - 9] الآية، وغيرها كثير.
ونعلم ونعتقد أن الله تعالى اطلع على أهل بدر فقال: " «اعملوا ما شئتم
فقد غفرت لكم» (1) وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر، وبأنه «لا يدخل النار ممن
بايع تحت الشجرة» (2) بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكانوا ألفا
وأربعمائة وقيل: خمسمائة، قال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ} [الفتح: 18] الآية، ونشهد بأنهم أفضل
(1/124) القرون من
هذه الأمة التي هي أفضل الأمم، وأن من أنفق مثل أحد ذهبا ممن بعدهم لم
يبلغ مد أحدهم ولا نصيفه، مع الاعتقاد أنهم لم يكونوا معصومين، بل يجوز
عليهم الخطأ، ولكنهم مجتهدون للمصيب منهم أجران ولمن أخطأ أجر واحد على
اجتهاده، وخطؤه مغفور، ولهم من الفضائل والصالحات والسوابق ما يذهب سيئ
ما وقع منهم إن وقع، وهل يغير يسير النجاسة البحر إذا وقعت فيه، رضي الله
عنهم وأرضاهم، وكذلك القول في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته
الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ونبرأ من كل من وقع في صدره
أو لسانه سوء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، أو على
أحد منهم، ونشهد الله تعالى على حبهم وموالاتهم والذب عنهم ما استطعنا
حفظا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته إذ يقول: «لا تسبوا أصحابي»
(1) . وقال: «الله الله في أصحابي» (2) وقال: «إني تارك فيكم ثقلين
أولهما كتاب الله فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به» (3) ثم قال:
(1/125) «وأهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» . الحديث في الصحيحين وغيرهما.
(1/126) محدثون
فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر» (1) وقال صلى الله عليه وسلم في تكلم
الذئب والبقرة: «فإني أومن به وأبو بكر وعمر» (2) وما هما ثَمَّ، ولما
ذهب عثمان إلى مكة في بيعة الرضوان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيده اليمنى: «هذه يد عثمان " فضرب بها على يده فقال: " هذه لعثمان» (3)
وقال صلى الله عليه وسلم: «من يحفر بئر رومة فله الجنة» (4) . فحفرها
عثمان، وقال صلى الله عليه وسلم: «من جهز جيش العسرة فله الجنة» (5) .
فجهزه عثمان، وقال صلى الله عليه وسلم فيه: «ألا أستحي ممن استحيت منه
الملائكة» (6) . وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «أنت مني
وأنا منك» (7) . وأخبر صلى الله عليه وسلم عنه «أنه يحب الله ورسوله،
ويحبه الله ورسوله» (8) . وقال صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعلي
مولاه» (9) . وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة
(1/127) هارون من
موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» (1) . وقال صلى الله عليه وسلم: «عشرة في
الجنة: النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في
الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير بن العوام في الجنة، وسعد
بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، قال سعيد بن زيد: ولو
شئت لسميت العاشر يعني نفسه» (2) رضي الله عنهم أجمعين، وقال صلى الله
عليه وسلم: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها
حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله عز
وجل أبيّ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة
أبو عبيدة بن الجراح» (3) . وقال صلى الله عليه وسلم في الحسن والحسين: "
«إنهما سيدا شباب أهل
(1/128) الجنة»
(1) «وأنهما ريحانتاه» (2) . وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أحبهما
فأحبهما» (3) وقال في الحسن: " «إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين
فئتين عظيمتين من المسلمين» (4) فكان الأمر كما قال، وقال في أمهما:
«إنها سيدة نساء أهل الجنة» (5) وقد ثبت لكثير من الصحابة فضائل على
العموم والانفراد كثيرة لا تحصى، ولا يلزم من إثبات فضيلة لأحدهم في شيء
أن يكون أفضل من الآخرين من كل وجه إلا الخلفاء الأربعة، أما الثلاثة
فلحديث ابن عمر السابق، وأما علي فبإجماع أهل السنة أنه كان بعدهم أفضل
من على وجه الأرض.
(1/129) وعلي رضي
الله عنهم، فأبو بكر سنتان وثلاثة أشهر، وعمر عشر سنين وستة أشهر، وعثمان
اثنتا عشرة سنة، وعلي أربع سنين وتسعة أشهر ويكملهما ثلاثين بيعة الحسن
بن علي ستة أشهر، وأول ملوك الإسلام معاوية رضي الله عنه، وهو خيرهم
وأفضلهم ثم كان بعده ملكا عضوضا إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز رضي الله
عنه، فعده أهل السنة خليفة خامسا لسيره بسيرة الخلفاء الراشدين.
(1/130) خلافة
هؤلاء الأربعة، ولا يطعن في خلافة أحد منهم إلا ضال مبتدع.
(1/131) رأيتني
على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله ثم، أخذه ابن أبي قحافة فنزع
منها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له ضعفه، ثم استحالت
غربا، فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر حتى ضرب
الناس بعطن.» (1) .
(1/132) رضي الله
عنهما، ومنها ما في حديث الفتنة التي تموج كموج البحر، قال حذيفة رضي
الله عنه لعمر: «إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال أيفتح أم يكسر؟ قال: بل
يكسر، قال عمر: إذا لا يغلق، فكان الباب عمر وكسره قتله، فلم يرفع بعده
سيف بين الأمة» (1) وقد أجمعت الأمة على تقديمه في الخلافة بعد أبي بكر
رضي الله عنهما.
(1/133) رواه ابن
ماجه بإسناد صحيح، والترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، وأجمع على بيعته
أهل الشورى ثم سائر الصحابة، وأول من بايعه علي رضي الله عنه بعد عبد
الرحمن بن عوف ثم الناس بعده.
(1/134) س: ما
الدليل على ذلك؟
(1/135) من طاعة
لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة
جاهلية» (1) . وقال صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن يفرق أمر هذه الأمة
وهو جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان» (2) . وقال صلى الله عليه وسلم:
«ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي
وتابع " قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: " لا، ما صلوا» (3) وغير ذلك من
الأحاديث، وهذه كلها في الصحيح.
(1/136) [حكم
كرامات الأولياء]
(1/137) وشعوذة لا
كرامة، وليس من اتفقت له من أولياء الرحمن بل من أولياء الشيطان، والعياذ
بالله.
(1/138) جـ: هذه
الطائفة هي الفرقة الناجية من الثلاث وسبعين فرقة، كما استثناها النبي
صلى الله عليه وسلم من تلك الفرق بقوله: «كلها في النار إلا واحدة وهي
الجماعة» . وفي رواية قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم
وأصحابي» ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ
هدانا وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ
الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ - وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ -
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182] .
(1/139)
|
|