بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها في ضوء الكتاب والسنة
الكتاب: بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها في ضوء الكتاب
والسُّنَّة رسائل
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
(/) بسم الله
الرحمن الرحيم (1)
(1/3) أما بعد
فإنَّ أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم
-، وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة
في النار (1).
(1/4) - عز وجل
-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِالله وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ
أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} (1)،
وقال - سبحانه وتعالى -: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله
(1/5) المبحث
الأول: مفهومُ عقيدة أهلِ السنةِ والجماعة
(1/6) أهل
الطريقة الصحيحة المستقيمة المحمودة (1).
(1/7) القيامة
(1)، وسمُّوا بذلك لانتسابهم لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -،
واجتماعهم على الأخذ بها: ظاهرًا وباطنًا، في القول، والعمل، والاعتقاد
(2).
(1/8) خالفهُم
حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس)) (1)، وعن المغيرة بن شعبة -
رضي الله عنه - نحوه (2)، وعن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا
يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)) (3)، وعن جابر بن عبد الله
- رضي الله عنه - نحوه (4).
(1/9) عبادًا
يُحيي بِهمُ العباد والبِلادَ وهم أصحاب السنة ومن كان يعقل ما يَدخُلُ
جَوفَه من حله كان من حزب الله)) (1).
(1/10) يعصيهم
أكثر ممن يطيعهُم)) (1)، وفي رواية من طريق آخر: ((الذين يصلحون إذا فسد
الناس)) (2)، فأهل السنة الغرباء بين جموع أصحاب البدع والأهواء والفرق.
(1/11) المبحث
الثاني: أصولُ أهلِ السُّنّةِ والجماعة
(1/12) الفطرة،
فأبواه يهوِّدانه أو يُنَصِّرانه، أو يُمَجِّسانه)) (1).
(1/13)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ
الْعَظِيمِ} (1)، وغير ذلك.
(1/14) يكون
مكابرًا، قال - عز وجل - عن آل فرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا
وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (1)، وهذا توحيد
الربوبية: هو إفراد الله تعالى بأفعاله.
(1/15)
فَاعْبُدُونِ} (1)،وقال - عز وجل -: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمًا
بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (2)،وكل من
اتخذ إلهًا من دونه فإلهيته باطلة، قال - عز وجل -: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله
هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
وَأَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (3)، وقال - عز وجل -:
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ
الرَّحِيمُ} (4).
(1/16) من غير
تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، ويُمِرّونها كما جاءت مع
الإيمان بما دلّت عليه من المعاني العظيمة، فكل ما أثبته الله لنفسه أو
أثبته له رسولُهُ من جميع الأسماء والصفات أثبتوه على الوجه اللاَّئق به
تعالى، إثباتًا مفصلاً على حدِّ قوله سبحانه: {وَهُوَ السَّمِيعُ
البَصِيرُ} وينفون عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله - صلى الله
عليه وسلم - نفيًا إجماليًّا غالبًا على حد قوله تعالى: {لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْء} والنفي يقتضي إثباتَ ما يُضادُّه من الكمال، فكل ما
نفى الله عن نفسه من النقائص فإن ذلك يدل على ضِدِّهِ من أنواع الكمال،
وقد جمع الله النفي والإثبات في آية واحدة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} فهذه الآية تضمنّتْ تنزيه الله من
مُشابَهةِ خلقه: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وفي أولها
ردٌّ على المشبِّهَةِ وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وفي
آخرها ردّ على المعطلة وهو قوله تعالى:
(1/17) الْعَرْشِ
اسْتَوَى} وأن ذلك يدل على علوِّ الله على خلقه كما قال - سبحانه وتعالى
-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ
يَرْفَعُهُ} (1)،وقال - عز وجل -: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ
وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} (2)،قال أبو القاسم اللالكائي رحمه الله:
((فدلت هذه الآية أنَّهُ تعالى في السماء وعلمه مُحيطٌ بكلِّ مكان من
أرضه وسمائه، وقال: وروى ذلك من الصحابة: عمر، وابن مسعود، وابن عباس،
وأمُّ سلمة - رضي الله عنهم -، ومن التابعين ربيعةُ بن أبي عبد الرحمن،
وسليمان التيمي، ومقاتل بن حيان، وبه قال من الفقهاء مالك بن أنس، وسفيان
الثوري، وأحمد بن حنبل (3).
(1/18) وقيل لأبي
عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله: الله - عز وجل - فوق السماء السابعة
على عرشه بائنٌ من خلقه، وقدرتُه وعلمه في كل مكان؟ قال: ((نعم على العرش
وعلمه لا يخلو منه مكان)) (1)، وفي رواية: ((أنه سئل عن قوله:
(1/19)
يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}
(1)، وعن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - يرفعه: ((إني أرى ما لا ترون وأسمع
ما لا تسمعون، أطَّتِ السماء وحُقَّ لها أن تئِطَّ ما فيها موضع أربع
أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا لله .. )) (2)، وهذا يدل على كثرتهم
وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رُفع له البيت المعمور في
السماء يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك بلا رجعة (3).
(1/20) ونؤمن على
سبيل التفصيل بما سَمَّى الله منها: كالتوراة، والإنجيل، والزَّبور،
والقرآن العظيم، والقرآن أفضلُها وخاتَمها والمُهَيمِنُ عليها،
والمصدِّقُ لها، وهو الذي يجب على جميع العباد اتباعه وتحكيمه، مع ما
صحَّت به السُّنّة (1).
(1/21)
الأصل
الخامس: الإيمان باليوم الآخر:
(1/22) فيُضرب
بمطرقةٍ من حديد فيصيح صيحةً يسمعها كلَّ شيء إلاَّ الإنسان، وفي رواية:
((يسمعها من يليه إلا الثَّقلين)).
(1/23) خَسِرُوا
أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} (1).
(1/24) نجوم
السماء، وطوله شهر وعرضه شهر، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا (1)،
وهذا مختصّ بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ولكل نبي حوض ولكن أعظمها حوض
النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(1/25) العظمى
لأهل الموقف، والشفاعة في أهل الجنة أن يدخلوها والشفاعة في تخفيف العذاب
عن أبي طالب، وهذه الثلاثة خاصة بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. والشفاعة
فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها، وهذه الشفاعة
يشترك فيها النَّبيُّون، والصِّدّيقون، والشُّهداء، والصَّالحون، وهي
تتكرر من النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع مرات:
(1/26)
11 - الجنة
والنار، يجب
الاعتقاد بأن الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان، والجنة دار أوليائه،
والنار دار أعدائه، وأهل الجنة فيها مخلدون وأهل النَّار من الكفار
مخلدون، والجنة والنار موجودتان الآن، وقد رآهما رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - في صلاة الكسوف، وليلة المعراج، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن
الموت يُجاء به في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ويُذبح ويُقال:
((يا أهل الجنة خلودٌ فلا موت ويا أهل النار خلودٌ فلا موت)) (1).
(1/27) مُّبِينٍ}
(1)، وقال سبحانه: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله
يَسِيرٌ} (2)، وفي صحيح مسلم: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق
السموات والأرض بخمسين ألف سنة)) (3).
(1/28) أمور تدخل
في الإيمان بالله - عز وجل -:
(1/29) المبحث
الثالث: وسطيّةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة
(1/30) - عز وجل
-: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاءَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ} (1)
والله المستعان (2).
(1/31) الدنيا
والآخرة:
(1/32) فقالوا:
الإيمان قول وعمل: قول القلب واللِّسان، وعمل القلب واللسان والجوارح،
يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فقول القلب تصديقه وإيقانه، وقول اللسان
النطق بالشهادتين والإقرار بلوزامها، وعمل القلب: النِّيّة، والإخلاص،
والمحبة، والانقياد، والإقبال على الله - عز وجل -، والتوكل عليه، ولوازم
ذلك وتوابعه، وكل ما هو من أعمال القلوب، وعمل اللسان، ما لا يُؤدَّى إلا
به: كتلاوة القرآن، وسائر الأذكار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر،
والدعوة إلى الله - عز وجل -، وغير ذلك، وعمل الجوارح: القيام
بالمأمورات، واجتناب المنهيات، ومن ذلك الركوع والسجود وغير ذلك.
(1/33) عليًّا،
والخوارج قابلوا هؤلاء فَكَفَّرُوا عليًّا ومعاوية ومن معهما من الصحابة.
والنواصب نصبوا العداوة لأهل البيت وطعنوا فيهم.
(1/34) ذلك
فسادًا كبيرًا (1)، وقد أحسن ابن عساكر رحمه الله فيما نُقل عنه أنه قال:
((اعلم يا أخي - وفقني الله وإياك لمرضاتِهِ وجعلني وإياك ممن يتقيه حق
تقاته - أن لحومَ العلماءِ مسمومة، وعادةُ الله في هتكِ أستار منتقصيهم
معلومة) (2) وأنَّ من أطال لسانَه في العلماءِ بالثَّلبِ بلاه الله قبل
موته بموت القلب {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (3).
(1/35) طاعة))
(1).
(1/36)
المبحث
الرابع: أخلاق أهل السنة والجماعة
(1/37)
|
|