مسألة الإيمان دراسة تأصيلية
الكتاب: مسألة الإيمان دراسة تأصيلية مسألة
الإيمان
(1/1) تقريظ
بقلم
(1/2) تقريظ
بقلم
(1/3) تقريظ
بقلم
(1/4)
المقدمة
(1/5) ((مسألة
الإيمان دراسة تأصيلية))
(1/6)
أهمية مسألة
الإيمان
(1/7) -بدعة
الخوارج الوعيدية ومن تبعهم في مسائل الإيمان، ومقابلة المرجئة بطوائفها
لهم ببدعتهم، والحق وسط بينهما!
(1/8) أـ
المرجئة المحضة وهم الجهمية ومن وافقهم من القدرية وغيرهم: والإيمان
عندهم هو المعرفة بالله، والكفر الجهل به، وفساد هذا القول بيِّن ظاهر
جداً.
(1/9) فلم
يقولوا بذهاب بعض وبقاء بعض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يخرج
من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان)) .اهـ (1) .
(1/10) أن
الإيمان وكذا الكفر، كل منهما خصالٌ وشعبٌ عديدة، ومراتب متعددة، فمن
الإيمان شعب إذا زالت زال الإيمان كله كالصدق في الحديث والحياء. وكذلك
الكفر منه شعب إذا وقعت وقع الكفر الأكبر كالاستهزاء والسب لله ولدينه
ولرسوله، ومنه شعب إذا وقعت لم يقع الكفر الأكبر المخرج عن الملة، كسب
المسلم وقتاله والنياحة وغير ذلك، وإنما يكون مقترفها واقعاً في الكفر
الأصغر، وهو الكفر العملي، وهو لا يخرج من الملة (1) .
(1/11) ب- وقوله
صلى الله عليه وسلم: يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان))
متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه)) (1) .
(1/12) ج- ومن
لوازم قولهم الفاسد أن فرعون الجاحد لربوبية الله ظاهراً مؤمن كامل
الإيمان لأنه عارف بالله في قلبه غير جاهل به، لقول أصدق القائلين سبحانه
في آخر سورة الإسراء {قاَلََ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَؤُلاءِ إلاَّ
رَبُّ السَمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَضَآئَّرَ وَإِنِّى لأَظَنُّكَ يَا
فِرْعَوْنَ مَثْبُوراً} [الإسراء:102] ، وقوله في أول سورة النمل
{وَجَحَدُوا بِهاَ وَاسْتَيْقَنَتْها أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُواًّ
فَانظُرْ كَيْفَ كاَنَ عَقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل:14] .
(1/13) وكذا كل
من أبطن في قلبه كفراً أو ناقضاً من نواقض الدين يكون عندهم مؤمناً مادام
مُقراً بلسانه (1) .
(1/14) أ-ما ورد
تسميته إيمان من الأعمال والأقوال في النصوص الشرعية، كقوله تعالى في
سورة السجدة: {إِنَّماَ يُؤْمِنُ بِئَايَتِناَ الَّذِّينَ إِذَا
ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ
لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] .
(1/15) كما روى
مسلم أيضاً في حديث أنواع المجاهدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم
بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) . فسمَّى النبي صلى
الله عليه وسلم عمل القلب واللسان والجوارح إيماناً.
(1/16) قوله صلى
الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين
يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينهب نهبة ذات
شرف فيرفع الناس إليه فيها بأبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن)) الحديث متفق
عليه عن أبي هريرة (1) رضي الله عنه.
(1/17) أن لفظة
الإيمان يقابلها الكفر، وهو ليس التكذيب فقط بل قدر زائد عليه، وإنما
الكذب يقابل لفظة التصديق.
(1/18) أن لفظ
الإيمان يتعدى إلى غيره باللام دائماً نحو قوله تعالى: {فَئَامَنَ لَهُ
لُوطٌ} [العنكبوت:26] ، وقول فرعون في الشعراء: {ءَامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ
أَنْءَاذَنَ لَكُمْ} [الشعراء:49} ، وقوله تعالى في يونس: {فَمَآءَامَنَ
لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ} [يونس:83] ، وقوله:
{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}
[المؤمنون:47] . وقوله: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ}
[الشعراء:111] ، وآيات عديدة. أما لفظ التصديق وصدق ليصدق فإنه يتعدى
بنفسه نحو: قوله تعالى في الصافات: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِناَّ
كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَْ} [الصافات:105] . وفي أولها: {بَلْ
جَآءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات:37] . وفي سورة
الزمر: {وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ}
[الزمر:74] فكلها بمقابل الكذب.
(1/19) فقالت
الوعيدية: إن الإسلام هو الإيمان والعكس صحيح (1) .
(1/20) وأركان
الإسلام الخمسة أعمال ظاهرة، وأصول الإيمان الستة أعمال باطنة، ولا بد
منهما جميعاً.
(1/21) ومن هنا
قال الحافظ بن رجب في جامع العلوم والحكم:
(1/22) فإن
الإيمان هنا متناول للإسلام لاشتماله على الصلاة والصيام والحج والزكاة.
(1/23) فإن النبي
صلى الله عليه وسلم أخبرهم في الحديث – في هذا الحال المهم، والسؤال
الأهم – عن الإيمان بأركان الإسلام، فدل على أنهما بمعنى واحد، مما يفيد
أن أحدهما يغني عن الآخر عند الإفتراق.
(1/24) قوله
تعالى في أول الأنفال: {إِنَمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ
اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْءَايَتُهُ
زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2] .
(1/25) وزيادة
الهدى والهداية كما في قوله في سورة مريم: {وَيَزِيدُ اللهُ الَّّذِينَ
اهْتَدَوْا هدًى} [مريم:76] .
(1/26) وفي
البقرة: {تَلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنهُم
مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَتٍ وَءَاتَيْنَا عِيسَى
ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِنَتِ وَأَيَّدْنَهُ بِرُوحِ الْقُدُسْ}
[البقرة:253] .
(1/27) ومايز
سبحانه بين أهل الطاعة والمعصية بقوله في سورة الجاثية: {أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ
كَالَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ
وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:21] ، وفي سورة الواقعة
ذكر أصحاب اليمين، ثم أصحاب الشمال، ثم السابقين. وكل هذه المفاضلات
للتمايز في زيادة الإيمان
(1/28) 4-حديث
أبي سعيد الخدري وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبِّ الرجل الحازم من
إحداكن، قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة
المرأة مثل نصف شهادة الرجل، قلن: بلى؟ قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس
إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم، قلن: بلى قال: فذلك من نقصان دينها)) وهذا
لفظ البخاري (1) .
(1/29) 6-ومثله
حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب
لله وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)) (1) .
(1/30) 6-وقال
عمير بن حبيب الخطمي وغيره من الصحابة: ((الإيمان يزيد وينقص، فقيل له
وما زيادته ونقصانه؟ فقال: إذا ذكرنا الله وحمدناه وسبحناه فتلك زيادته،
وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه)) (1) . وعنهم في الباب كثير،
وعمَّن بعدهم أكثر.
(1/31) 1-التقرب
إلى الله والتعرف إليه بتحقيق التوحيد بألوهيته وربوبيته وأسمائه الحسنى
وصفاته العلى.
(1/32) والحق كما
سبق أن الإيمان يزيد بالطاعات حتى يكتمل، وينقص بالمعاصي والذنوب حتى
يزول بالمكفر منها.
(1/33) 5-وربما
هو وَهْمٌ من ناقليه، لما يعرض للمدرس في درسه من التوقف في مسائل، لا
لعدم الجواب فيها عنده، وإنما لزيادة تأمل فيها ونظر وبحث، أو لعارض يعرض
له في خاطره يسترسل معه.. ونحو ذلك.
(1/34) وفي هذا
يقول الشيخ ابن تيمية في ((العقيدة الواسطية)) عن أهل السنة والجماعة:
((ولا يسلبون الفاسق المليَّ اسم الإيمان بالكلية، ولا يخلدونه في النار
كما تقوله المعتزلة، بل الفاسق يدخل في اسم الإيمان في مثل قوله تعالى:
{وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنَا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ
وَدِيَةٌ مَّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن
كاَنَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مَّيثَاقٌ
فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}
[النساء:92] .
(1/35) وهو خلاف
أهل السنة والجماعة مع مرجئة الفقهاء الذين قالوا ((إن الإيمان قول
وتصديق)) ، فأخرجوا العمل عن مسمى الإيمان كما هو المشهور عن الإمام أبي
حنيفة وحماد بن أبي سليمان وأتباعهما – وهم الذين يقال لهم: مرجئة
الفقهاء أو مرجئة الكوفة أو مرجئة العراق.
(1/36) وقال في
الإيمان الأوسط: ((فصل: ثم بعد ذلك تنازع الناس في اسم المؤمن والإيمان
نزاعاً كثيراً منه لفظيٌّ، وكثير منه معنوي. فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا
في شيء مما ذكرناه من الأحكام، وإن كان بعضهم أعلم بالدين وأقوم به من
بعض، ولكن تنازعوا في الأسماء..)) اهـ (1) .
(1/37) ولكن من
نظر إلى بعض المسائل المترتبة على الخلاف مع مرجئة الفقهاء:
(1/38) ولذا
فالخوارج يكفِّرون بالذنب في الدنيا، ويخلدون صاحبه في النار في الآخرة.
والمعتزلة لا يجعلون مؤمناً في الدنيا؛ بل إنه في منزلة بين المنزلتين،
فهو خرج من الإيمان ولما يدخل إلى الكفر، لكنهم يخلدونه في الآخرة في
النار، موافقين في الحكم الأخروي الخوارج.
(1/39) 1-وأهمية
البحث في موضوع الكفر وبيانه تكمن في وجوب الحذر منه والبعد عنه، فهو
علامة شقاوة العبد في الدنيا والآخرة. وهو أيضاً أعظم الذنوب والآثام
وأشدها خطراً وأعظمها وقعاً وأثراً وهو أخوف ما يخافه ويحذره المؤمنون،
وفي ذلك نصوص من الوحيين كثيرة جداً منها قوله تعالى في سورة المائدة:
{وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى
الآخِرَةِ مِنَ الْخِاسِرِينَ} [المائدة:5] . وفي سورة النساء يقول عز
وجل: {يَا أيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواءَامِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِى نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِى
أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالآً بَعِيداً}
[النساء:136] . ويقول سبحانه في سورة البقرة: {وَمَن يَتَبَدَّلِ
الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَبِيلِ} [البقرة:108] .
(1/40) *
وثانيهما في آخر سورة الأحزاب يقول سبحانه: {يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ
السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ
السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً * إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ
وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرَا * خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا لاَّيَجِدُونَ
وَلِيًّا وَلاَنَصِيرًا} [الأحزاب:63-65] .
(1/41) ((فصل:
إذا تبين ذلك فاعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الأسماء
والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها
الموالاة والمعاداة، والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا؛ فإن الله
سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين، وحرم الجنة على الكافرين، وهذا من الأحكام
الكلية في كل وقت ومكان..)) .
(1/42) -منها
الستر والتغطية، ومنه سُمي الزُّرَّاع كفاراً لأنهم يغطون البذر في
الأرض، كما قال تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ
ثُمَ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} [الحديد:20] .
(1/43) فإن هؤلاء
مع أهل الحديث وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنبلية وعامة
الصوفية وطوائف من أهل الكلام من متكلمي السنة وغير متكلمي السنة من
المعتزلة والخوارج وغيرهم، متفقون على أن من لم يؤمن بعد قيام الحجة عليه
بالرسالة فهو كافر، سواء كان مكذبا أو مرتاباً أو معرضاً أو مستكبراً أو
متردداً أو غير ذلك)) اهـ.
(1/44) وكذا
اليهود وأهل الكتاب يعلمون صدق الرسول صلى الله عليه وسلم: بل ويعرفونه
أشد من معرفتهم لأبنائهم، كما يقول عز وجل في سورة البقرة:
{الَّذِينَءَاتَيْنَاهمُ الْكِتَابَ يَعْرِفونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ
أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ} .
(1/45) -وممن
كُفِّر وصفاً: المستهزئ بالله أو بآياته أو برسوله، والمحكِّم لغير ما
أنزل الله، والساحر والكاهن ومدعي علم الغيب ونحوهم.
(1/46) وكذلك
الكفر ذو أصل وشعب، فكما أن شعب الإيمان إيمان، فشعب الكفر كفر، والحياء
شعبة من الإيمان، وقلة الحياء شعبة من شعب الكفر، والصدق شعبة من شعب
الإيمان، والكذب شعبة من شعب الكفر، والصلاة والزكاة والحج والصيام من
شعب الإيمان، والحكم بغير ما أنزل الله من شعب الكفر، والمعاصي كلها من
شعب الكفر، كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان.
(1/47) وإذا كان
الإيمان يزول بزوال عمل القلب، فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال
الجوارح، ولاسيما إذا كان ملزوماً لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو
ملزوم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره، فإنه يلزم من عدم طاعة القلب
عدم طاعة الجوارح؛ إذ لو أطاع القلب وانقاد، أطاعت الجوارح، وانقادت،
ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة، وهو حقيقة
الإيمان. فإن الإيمان ليس مجرد التصديق، كما تقدم بيانه، وإنما هو
التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق
وتبيِّنه، بل هو معرفته المستلزمة لاتباعة، والعمل بموجبه، وإن سمي الأول
هدى، فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء، كما أن اعتقاد التصديق، وإن
سمي تصديقاً، فليس هو التصديق المستلزم للإيمان، فعليك بمراجعة هذا الأصل
ومراعاته)) اهـ.
(1/48) وكفر أصغر
لا يخرج من الملة ولا يحبط العمل ولا يوجب الخلود في النار، وهو تحت
مشيئة الله في مغفرته، ولا ينافي أصل الإيمان، بل ينافي كماله الواجب،
وهو حكم الكبائر من الذنوب، كالنياحة على الميت، والطعن في الأنساب،
وقتال المسلم..الخ.
(1/49) ((وروى
مسلم في صحيحه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في الناس هما بهم كفر)) .
(1/50) وهم مع
ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر، كما يفعله الخوارج؛ بل
الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي..)) إلى آخر الفصل.
(1/51) والمقصود
أن المبتدعة على تنوع مشاربهم وتباين أصولهم ومناهجهم يروج عندهم تكفير
مخالفيهم عند أدنى مخالفة.
(1/52) المقدمة
... ... ... ... 6
(1/53)
|
|