معنى لا إله إلا الله الزركشي
الكتاب: معنى لا إله إلا الله بِسم الله
الرَّحْمَن الرَّحِيم
(1/59) الأمواج
سريع الْأزْوَاج إِلَى أَن أَسْفر الصُّبْح فأعلن بالابتهاج وأنتجت
مقدماته أشرف الإنتاج فسرت من عَالم الأفكار إِلَى عَالم الاستبصار
واستغفرت الْعَزِيز الْغفار
(1/60) وَاسْمهَا
مُعرب ومبني فيبنى إِذا كَانَ مُفردا نكرَة على مَا كَانَ ينصب بِهِ
(1/61) وَسبب
بنائِهِ تضمنه معنى الْحَرْف وَهُوَ من الاستغراقية
(1/62) وَعَن
السيرافي والزجاج أَن حَرَكَة لَا رجل وَنَحْوه حَرَكَة إِعْرَاب
وَإِنَّمَا حذف التَّنْوِين تَخْفِيفًا وَيدل على ذَلِك الرُّجُوع إِلَى
(1/63) هَذَا
الأَصْل فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه
(1/64) وَلَا
حجَّة فِيهِ لِأَن التَّقْدِير أَلا تروني رجلا وَإِن لم يكن مُفردا
وأعني بِهِ الْمُضَاف والمشبه بِهِ أعرب نصبا نَحْو لَا خيرا من زيد
(1/65) الثَّالِث
أَن ارْتِفَاع خَبَرهَا عِنْد إِفْرَاد اسْمهَا نَحْو لَا رجل قَائِم
بِمَا كَانَ مَرْفُوعا بِهِ قبل دُخُولهَا لَا بهَا وَهُوَ قَول
سِيبَوَيْهٍ وَخَالفهُ الْأَكْثَرُونَ وَلَا خلاف بَين الْبَصرِيين أَن
ارتفاعه بهَا إِذا كَانَ عَاملا
(1/66) الرَّابِع
أَن خَبَرهَا لَا يتَقَدَّم على اسْمهَا وَلَو كَانَ ظرفا أَو مجرورا
(1/67) وَتَمِيم
لَا تذكره حِينَئِذٍ
(1/68) وَقسم
تَنْفِي فِيهِ الْوحدَة وتعمل حِينَئِذٍ عمل لَيْسَ وَبَين النَّهْي
وَالدُّعَاء فتجزم فعلا وَاحِدًا
(1/69) وَلَا
هَذِه العاملة عمل لَيْسَ تخَالف لَيْسَ من وُجُوه أَحدهَا أَن عَملهَا
قَلِيل
(1/70) الثَّالِث
أَنَّهَا لَا تعْمل إِلَّا فِي النكرات خلافًا لِابْنِ جني وَعَلِيهِ
قَول النَّابِغَة
(1/71) وَعَلِيهِ
بنى المتنبي قَوْله
(1/72)
الْأُخْرَى {مَا مَنعك أَن تسْجد}
(1/73) الْخَامِس
قَول لَا إِلَه إِلَّا الله قدر فِيهِ الْأَكْثَرُونَ خبر لَا محذوفا
فَقدر بَعضهم الْوُجُود وَبَعْضهمْ لنا وَبَعْضهمْ بِحَق قَالَ لِأَن
آلِهَة الْبَاطِل مَوْجُودَة فِي الْوُجُود كالوثن وَالْمَقْصُود نفي مَا
عدا إِلَه الْحق وَنَازع فِيهِ بَعضهم وَنفى الْحَاجة إِلَى قيد مُقَدّر
محتجا بِأَن نفي الْمَاهِيّة من غير قيد أَعم من نَفيهَا بِقَيْد
(1/74)
وَالتَّقْدِير أولى جَريا على الْقَاعِدَة الْعَرَبيَّة فِي تَقْدِير
الْخَبَر وعَلى هَذَا فَالْأَحْسَن تَقْدِير الْأَخير لما ذكر ولتكون
الْكَلِمَة جَامِعَة لثُبُوت مَا يَسْتَحِيل نَفْيه وَنفي مَا يَسْتَحِيل
ثُبُوته
(1/75) السَّادِس
ذكر بَعضهم أَن إِلَّا فِي كلمة الشَّهَادَة بِمَعْنى غير وَاسْتدلَّ
بقوله تَعَالَى {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} ثمَّ بقول
الشَّاعِر
(1/76) (وكل أَخ
مفارقه أَخُوهُ ... لعمر أَبِيك إِلَّا الفرقدان)
(1/77) يُفِيد
التَّوْحِيد الْمَحْض وَإِطْلَاق الشَّارِع لَهَا غير مُقَيّدَة بِقَيْد
لَا سِيمَا فِي مَوضِع الْبَيَان وَالتَّفْسِير دَلِيل قَطْعِيّ على أَنه
صَرِيح فِيهِ
(1/78) وَأما
مَجِيء كلمة التَّوْحِيد بإلا فلأدائها معنى الْوحدَة وَتَقْدِير
(1/79) لَفْظَة
غير فِي الْآيَة لوُجُوب نفي مُدبر لَهما إِلَّا وَاحِد وَوُجُوب أَن لَا
يكون ذَلِك الْوَاحِد إِلَّا الله تَعَالَى وَحده
(1/80)
وَالِاخْتِلَاف وَهُوَ معنى مَا أردنَا بِانْتِفَاء التمانع
(1/81) وَأهل
الْمعَانِي يَقُولُونَ إِنَّمَا بدا بِالنَّفْيِ لِأَن النَّفْي تَفْرِيغ
الْقلب فَإِذا كَانَ خَالِيا كَانَ أقرب إِلَى ارتسام التَّوْحِيد فِيهِ
وإشراق نور الله تَعَالَى عَلَيْهِ
(1/82) الْقلب
لَا من الشفتين
(1/83) لَكِن هَل
إفادتها لهَذَا الْإِثْبَات بِوَضْع لغَوِيّ أَو شَرْعِي أَو أَنَّهَا
إِنَّمَا تفِيد نفي شركَة إِلَه آخر
(1/84) الْحَاصِل
فِي الطباع لكل عَاقل وَعند هَذَا الْقَائِل الْمَقْصُود بالإثبات ثُبُوت
صفة مدح لله تَعَالَى وَادّعى بَعضهم أَن هَذَا الْإِثْبَات حصل
بِالْقَرِينَةِ مَعَ اللَّفْظ والقرينة حُصُول الْعلم بِأَن الْمَطْلُوب
من الْخلق على أَلْسِنَة الرُّسُل إِثْبَات التَّوْحِيد فَدلَّ
بِالْقَرِينَةِ على أَن النَّاطِق بِالشَّهَادَةِ إِنَّمَا يُرِيد هَذَا
الْمَعْنى وَهَذَا يقرب من القَوْل بِأَن الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي
لَيْسَ إِثْبَاتًا متمسكا بِأَن الْأَلْفَاظ مَوْضُوعَة للدلالة على
الْأَحْكَام الذهنية لَا على الْأُمُور الخارجية وَالْحق أَن خطاب
الْمُكَلّفين بِهَذِهِ الْكَلِمَة
(1/85)
الشَّرِيفَة وتكليفهم إِيَّاهَا لَيْسَ إِلَّا لإِثْبَات إلهية الله
تَعَالَى وَحده لاكتفاء الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا من غير
اعْتِبَار لفظ زَائِد عَلَيْهَا
(1/86) وَلَوْلَا
إفادتها التَّوْحِيد لوَجَبَ بَيَان الْوَاجِب الزَّائِد عَلَيْهَا فَإِن
التَّوْحِيد هُوَ الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ من بعثة الرُّسُل واتفاق
الْخَاصَّة والعامة سلفا وخلفا أَن مدلولها إِثْبَات التَّوْحِيد
وإطلاقهم عَلَيْهَا كلمة التَّوْحِيد إِجْمَاع مِنْهُم فدعوى زَائِد على
ذَلِك تشغيب على الشَّرْع بالمصطلحات الجدلية وَهُوَ غير مُعْتَبر وَلَا
جَائِز
(1/87) الْعَام
فتفيد نفي كل آلِهَة ف إِلَّا بعْدهَا لإِثْبَات ضِدّه وَهُوَ بثوت
الإلهية لله تَعَالَى وَهَذَا ظَاهر
(1/88) إِلَه
إِلَّا الله لِأَن كل وَاحِدَة من الجملتين اشْتَمَل الْكَلَام مِنْهَا
على نفي وَإِثْبَات وَمن الْمُؤَكّدَة للنَّفْي الْمُسْتَغْرق فِي
إِحْدَى الجملتين ملفوظ وَالْأُخْرَى تَضَمَّنت الْجُمْلَة مَعْنَاهَا
(1/89) الْحَادِي
عشر استغراق الْمُفْرد أَكثر تناولا لأفراد الْمُسَمّى من استغراق الْجمع
بِدَلِيل صِحَة لَا رجال فِي الدَّار إِذا كَانَ فِيهَا رجل أَو رجلَانِ
دون لَا رجل فَإِنَّهُ لَا يصدق إِذا كَانَ فِيهَا رجل أَو رجلَانِ
(1/90) النَّاظر
وَهُوَ أَن لفظ التَّمْر أَحْرَى باستيعاب الْجِنْس من التمور فَإِن
التَّمْر يسترسل على الْجِنْس لَا بِصِيغَة لَفظه والتمور ترده إِلَى
تخيل الوحدان ثمَّ الِاسْتِغْرَاق بعده بِصِيغَة الْجمع قَالَ شارحوه
يُرِيد أَن الْمُطلق يُطلق لفظ التَّمْر بِإِزَاءِ الْمَعْنى المكمل
للآحاد والتمور يلْتَفت فِيهِ إِلَى الوحدان فَلَا يحكم فِيهِ على
الْحَقِيقَة بل على أفرادها
(1/91) لَيْسَ
على إِطْلَاقه فقد اتّفق الأدباء والأصوليون على أَن قَوْلنَا لَا رجل
فِي الدَّار بِالرَّفْع لَا يُفِيد الْعُمُوم بل يُقَال لَا رجل فِي
الدَّار بل اثْنَان مَعَ أَنه نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي وَاتفقَ النَّاس
أَيْضا على أَن
(1/92) قَوْلنَا
لَيْسَ كل حَيَوَان إنْسَانا وَلَيْسَ كل عدد زوجا كَلَام صَادِق
وَلَيْسَ للْعُمُوم مَعَ أَنه نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي
(1/93) للْعُمُوم
مَعَ عدم الْبناء فَيبقى ضبط مَحل النزاع مُشكلا
(1/94) فَيكون
إِخْبَارًا مستأنفا لَا جَوَابا
(1/95) أَنا
نتوهم أَن قَائِلا قَالَ كل عدد زوج فَأثْبت حكم الزَّوْجِيَّة على
الْعُمُوم فقصدنا أَن نرفع هَذِه الْمُوجبَة الْكُلية
(1/96) لحكم
الْكُلية لَا حاكمون بالسلب لأفراد الْكُلية فَحَيْثُ ادعينا أَن النكرَة
للْعُمُوم هُوَ حَيْثُ يكون الحكم بالسلب لأفراد النكرَة لَا حَيْثُ يكون
الحكم مُسَاوِيا لجزء كل أفرادها بل هَذِه سالبة جزئية
(1/96) وَالْحق
أَن الْعَرَب وضعت اللَّفْظ للْحكم بالسلب على كل وَاحِد من تِلْكَ
الجزيئات وَاللَّفْظ يدل على ذَلِك مُطَابقَة
(1/98) الرَّابِع
عشر النكرَة المنفية كَمَا فِي كلمة الشَّهَادَة أقوى فِي الدّلَالَة على
الْعُمُوم من النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي وَلذَلِك قَالَ سيف الدّين
الْآمِدِيّ فِي أبكار الأفكار إِن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي لَا تعم
وَإِنَّمَا تعم النكرَة المنفية
(1/99) الْخَامِس
عشر إِذا عرفت هَذَا عرفت أَن النكرَة فِي سِيَاق الْإِثْبَات لَا تعم
كَذَا أطلق جمَاعَة من الْأُصُولِيِّينَ وَالْحق غَيره وَأَنَّهَا بِحَسب
المقامات
(1/100) القَاضِي
أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ
(1/101) يسْتَلْزم
تحقق الثُّبُوت فَيبقى الْمُسْتَثْنى غير مَحْكُوم عَلَيْهِ بِنَفْي
وَلَا إِثْبَات وَهَذَا معنى الْوَاسِطَة الَّتِي أثبتوها
(1/102) لَا
نِكَاح إِلَّا بولِي وَلَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور وَلَا علم إِلَّا بحياة
(1/103) زيد
ثُبُوت الْعلم لزيد وَلَيْسَ كَذَلِك قطعا فَهُوَ غير قَادِح
(1/104) يَجْعَل
لغيره شركَة فِي لَفظه كَمَا لم يكن لأحد شركَة فِي مَعْنَاهُ وَعَلِيهِ
تجرى صِفَاته وَهُوَ بِمَثَابَة الْعلم من حَيْثُ إِنَّه يُوصف وَلَا
يُوصف بِهِ لِأَنَّهُ اسْم علم لله كأسماء الْأَعْلَام الَّتِي سمي بهَا
غَيره تَعَالَى فَإِن الْأَعْلَام فِي الأَصْل وضعت للتمييز بَين
المسميين وَهَذَا محَال على الله
(1/105) وَهُوَ
أَيْضا مُسْتَثْنى من الْخلاف فِي أَن أَي المعرفتين أعرف وَلذَلِك قَالَ
سِيبَوَيْهٍ اسْم الله تَعَالَى أعرف المعارف وَرُوِيَ أَنه رئي فِي
الْمَنَام وَقد نَالَ خيرا كثيرا بِهَذِهِ الْكَلِمَة
(1/106) لَكَانَ
لَهُ سمي لِأَن الْمُشْركين سموا أصنامهم آلِهَة وَهَذَا غير لَازم لِأَن
الَّذِي سمى بِهِ الْمُشْركُونَ أصنامهم هُوَ مَا حَكَاهُ الله تَعَالَى
بقوله {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة}
وَقَالَ {إِلَهكُم وإله مُوسَى}
(1/107) غَيره أَو
هَل تعلم لَهُ نظيرا فِي الْخلق وَوُجُوب الإلهية
(1/108) الْكَاذِب
أَن العيوق عَاق الدبران لما سَاق إِلَى الثريا مهْرا وَهِي نُجُوم صغَار
نَحْو عشْرين نجما فَهُوَ يتبعهَا أبدا خاطبا لَهَا والدبران يعوقه
وَلذَلِك سموا هَذِه النُّجُوم القلاص وَعَلِيهِ انشد قَول الشَّاعِر
(1/109)
الْمَذْهَب الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ
(1/110) أَصله
أَلا ثمَّ اخْتصَّ بِهِ تَعَالَى كالاختصاص فِي العيوق والدبران والنجم
وَنَحْوهَا من الْأَسْمَاء المختصة بِالْألف وَاللَّام كالحسن
(1/111)
وَالْعَبَّاس والْحَارث مِمَّا كَانَ فِي الأَصْل صفة
(1/112) فَأجَاب
بِأَنَّهُ لَو كَانَ أَصله الْإِلَه لَكَانَ مُقْتَضَاهُ فِي الْحَالين
وَاحِدًا كالأناس وَالنَّاس
(1/113) وَمن
جِهَة الْمَعْنى بِأَن الْأَعْلَام إِنَّمَا وضعت للفصل بَين مَا تشابه
وَيشْتَبه وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِن الْعلم كَأَنَّهُ مَجْمُوع
صِفَات يَعْنِي أَنه وضع لترك الإطالة بِذكر الصِّفَات وَإِذا كَانَ
كَذَلِك امْتنع أَن يكون الله تَعَالَى اسْم علم لِاسْتِحَالَة الشبيه
والنظير لَهُ تَعَالَى
(1/114) علم
لِأَنَّهُ لَا شَبيه لَهُ فَذَلِك وَارِد فِي الصِّفَات لِاسْتِحَالَة
الشبة بَينه وَبَين غَيره
(1/115) وَأما
الثَّانِي فَيجوز فِيهِ الإجراء وَالْقطع وعَلى هَذَا الثَّانِي تحمل
صِفَات الله تَعَالَى يَعْنِي أَنَّهَا أجريت عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ للمدح
لَا للتعريف
(1/116) وَقَالَ
الْكُوفِيُّونَ إِنَّهَا للتفخيم
(1/117) الْخَلِيل
أَصله لاه وَفِي الْقَوْلَيْنِ تصرف تصريفي وَالْألف على الأول زَائِدَة
وعَلى الثَّانِي أَصْلِيَّة
(1/118) وَابْن
الْعَرَبِيّ فيهمَا قولا غَرِيبا وَهُوَ أَن الْألف وَاللَّام فِيهِ
أَصْلِيَّة غير زَائِدَة وَاعْتَذَرُوا عَن وصل الْهمزَة بِكَثْرَة
الِاسْتِعْمَال كَمَا يَقُول الْخَلِيل
(1/119) فِي همزَة
التَّعْرِيف
(1/120) وَقد رد
الزَّمَخْشَرِيّ هَذَا القَوْل بِمَا مَعْنَاهُ أَنَّك تصفه وَلَا تصف
بِهِ فَنَقُول إِلَه عَظِيم وَاحِد كَمَا تَقول نَبِي عَظِيم وَرجل كريم
وَلَا تَقول شَيْء إِلَه كَمَا لَا تَقول شَيْء رجل وَلَو كَانَ صفة لوقع
موقع صفة لغيره لَا مَوْصُوفا
(1/121) وَاللَّام
وَلم يجىء ذَلِك فِي غَيره إِلَّا مَا جَاءَ فِي ضَرُورَة الشّعْر وَأَنه
حذف مِنْهُ الْألف فِي الْخط تَنْزِيها لَهُ أَن يشْتَبه بِاللات فِي
الْوَقْف والخط إِذا كتبت اللات بِالْهَاءِ وَالْمَشْهُور أَنَّهَا حذفت
لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال
(1/122) ذهب
ذاهبون إِلَى أَنه اسْم الله الْأَعْظَم
(1/123)
مَوْصُوفَة بنعوت الْجلَال لَهُ قدرَة تصلح لاختراع مُتَعَلقَة بالممكنات
وَعلم مُحِيط بالمعلومات وَإِرَادَة نَافِذَة فِي المرادات وَله الْأَمر
وَالنَّهْي وَلَا تصح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ وَله صفة تجب لَهُ وَهِي
اختصاصية فِي وجوده على وَجه لَا يشغل الحيز وَالْمحل
(1/124) وَالصّفة
والتزموا على ذَلِك بِدعَة شنعاء
(1/125) ثمَّ
الدَّلِيل على أَن الِاسْم يُفَارق التَّسْمِيَة وَيُرَاد بِهِ
الْمُسَمّى قَوْله سُبْحَانَهُ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَإِنَّمَا
المسبح الرب تَعَالَى دون اللَّفْظ وَقَالَ {تبَارك اسْم رَبك}
وَالْمعْنَى تبَارك رَبك
(1/126) الِاسْم
هُوَ الْمُسَمّى
(1/127) يحمل على
الْإِمَاء دون السفن
(1/128)
وَالسَّلَام (لله تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما) وَلما امْتنع التَّعَدُّد
دلّ على أَن المُرَاد بِالِاسْمِ القَوْل
(1/129) قُلْنَا
الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى فِي حَقِيقَته وَقد يُطلق بِمَعْنى التَّسْمِيَة
توسعا وتجوزا كَمَا تقدم
(1/130)
التَّسْمِيَة وَأبي عبيد حَيْثُ صرفه إِلَى الْمُسَمّى فَتبقى عَلَيْهِم
الْحجَج الدَّالَّة على مُغَايرَة الْأَسْمَاء للمسميات
(1/131) فَهَذَا
وجيز مغن عَن كثير من الترهات الَّتِي صَار إِلَيْهَا الجهلة وَذَلِكَ
كَقَوْلِهِم لَو كَانَ الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى لاحترق فَم من قَالَ
نَارا إِذْ قَوْله نَار تَسْمِيَة لَا اسْم وكقول من لم يحصل مِمَّن
ينتمي إِلَيْنَا لَو كَانَ الِاسْم غير الْمُسَمّى لما حد الْقَاذِف
لِأَنَّهُ قذف الِاسْم دون الْمُسَمّى
(1/132) ثمَّ
يَقُول كل اسْم دلّ على فعل كالخالق والرازق فالأسماء هِيَ الْأَفْعَال
فَهِيَ مُتعَدِّدَة وكل اسْم دلّ على الصِّفَات فَهِيَ أَيْضا
مُتعَدِّدَة كالعالم والقادر إِذْ لَا يبعد التَّعَدُّد فِي الصِّفَات
الْقَدِيمَة قَالُوا الرب سُبْحَانَهُ يُسمى مَوْجُودا إِلَهًا قَدِيما
فَوَجَبَ أَن يَتَعَدَّد وعدوا هَذَا من أقوى عَددهمْ
(1/133) الْعدَد
إِلَيْهَا والرب الْمَوْصُوف بهَا وَاحِد
(1/134)
الْأنْصَارِيّ عَنهُ فِي شرح الْإِرْشَاد وَالْإِمَام فِي الْإِرْشَاد
إِن أَسمَاء الله تَعَالَى ثَلَاثَة أَقسَام مَا يُقَال إِنَّه هُوَ
وَهُوَ كل مَا دلّت التَّسْمِيَة بِهِ على وجوده كالموجود وَالْقَدِيم
وَنَحْوهمَا
(1/135) قَالَ
وَذكر بعض أَئِمَّتنَا أَن كل اسْم هُوَ الْمُسَمّى بِعَيْنِه وَصَارَ
إِلَى أَن الرب سُبْحَانَهُ إِذا سمي خَالِقًا ورازقا فالخالق هُوَ
الِاسْم وَهُوَ الرب سُبْحَانَهُ وَلَيْسَ الْخَالِق اسْما لِلْخلقِ
وَلَا الْخلق اسْما للخالق وطردوا ذَلِك فِي جَمِيع الْأَقْسَام
(1/136) وأوله
بِأَن لفظ الِاسْم اسْم لكل لفظ دلّ على معنى فِي نَفسه غير مقترن بِأحد
الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة وَلَفظ الِاسْم كَذَلِك فَيكون الِاسْم اسْما
لنَفسِهِ فَيكون الِاسْم عين الْمُسَمّى بِهَذَا الِاعْتِبَار
(1/137)
وَمَعْنَاهُ بعد التَّسْمِيَة وَهُوَ الذَّات الَّتِي أطلق اللَّفْظ
عَلَيْهَا والذات وَاللَّفْظ متغايران قطعا
(1/138) النَّاقة
فالنحاة يُرِيدُونَ باللقب لفظ انف النَّاقة والمتكلمون يُرِيدُونَ
مَعْنَاهُ وَهُوَ مَا يفهم مِنْهُ مدح أَو ذمّ وَقَول النُّحَاة إِن
اللقب ويعنون بِهِ اللَّفْظ مَا أشعر بضعَة أَو رفْعَة لَا يُنَافِيهِ
لِأَن اللَّفْظ يشْعر بدلالته على الْمَعْنى
(1/139) الْخَامِس
وَالْعشْرُونَ عَادَة من يتَكَلَّم على لفظ الْجَلالَة يذكر الْخلاف فِي
الِاسْم والمسمى وَرَأَيْت فِي كَلَام بعض الْمُتَأَخِّرين أَن الْخلاف
مَحَله فِي غير اسْم الله تَعَالَى وَأما الله تَعَالَى فَلَا يجوز
إِطْلَاق ذَلِك عَلَيْهِ بل هُوَ سُبْحَانَهُ وَاحِد فِي ذَاته وَصِفَاته
كَذَلِك لَا يُقَال هَذَا هَذَا وَلَا هَذَا غير هَذَا بل نطلقه كَمَا
أطلقهُ الله تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ والجاحدون علوا
كَبِيرا
(1/140) وَقد زل
فِي هَذَا الْبَاب طوائف من النَّاس وَنحن بعون الله نذْكر الْمَقْصد
مِنْهُ على السداد فَنَقُول مَأْخَذ أَسمَاء الله التَّوْقِيف
(1/141) {وَللَّه
الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا}
(1/142) وكل اسْم
دلّ على هَذِه الْمعَانِي كَانَ اسْما حسنا فَيجوز إِطْلَاقه على الله
تمسكا بِهَذِهِ الْأَدِلَّة وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي الْأَلْفَاظ
إِلَّا رِعَايَة الْمَعْنى فَإِذا كَانَت الْمعَانِي صَحِيحَة كَانَ
الْإِطْلَاق جَائِزا
(1/143) مُحَمَّد
واسمك أَبُو بكر فَهَذَا من بَاب الْأَسْمَاء وَأما الصِّفَات فَمثل
(1/144) وصف
الْإِنْسَان بِكَوْنِهِ طَويلا فَقِيها وَكَذَا وَكَذَا لِأَن وضع
الِاسْم فِي حق الْوَاحِد منا سوء أدب فَفِي حق الله أولى
(1/145) تفِيد
النَّفْي الأبدي وَاسْتَدَلُّوا بذلك على نفي الرُّؤْيَة فِي قَوْله
تَعَالَى
(1/146) لمُوسَى
{لن تراني} نَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَنْهُم فِي الشَّامِل ورد
عَلَيْهِم بقوله تَعَالَى للْيَهُود {فتمنوا الْمَوْت إِن كُنْتُم
صَادِقين وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا}
(1/150) قلت
وَالْحق أَن لَا وَلنْ مَعًا لمُجَرّد النَّفْي عَن الْأَفْعَال
المستقبلية والتأبيد وَعَدَمه يؤخذان من دَلِيل آخر خَارج عَنْهُمَا
(1/151) لن
فَهَذَا يدل على أَنَّهُمَا لمُجَرّد النَّفْي والتأبيد وَعَدَمه
مستفادان من دَلِيل آخر
(1/152) فعلا
مُسْتَقْبلا دخل عَلَيْهِ حرف التَّنْفِيس بِخِلَاف لن وَهَذَا الْمَعْنى
وَإِن كَانَ يُشِير إِلَيْهِ كَلَام سِيبَوَيْهٍ فِي تمثيله بسيفعل
فَإِنَّمَا قصد الزَّمَخْشَرِيّ بذلك تَوْطِئَة لقاعدة اسْتِحَالَة
الرُّؤْيَة فِي الْآخِرَة كَمَا تقدم وَالْآيَة إِنَّمَا يَنْفِي
ظَاهرهَا حُصُول الرُّؤْيَة معاقبا للسؤال أَو فِي الدُّنْيَا فَإِن
السُّؤَال إِنَّمَا توجه نَحْو ذَلِك وَالْجَوَاب إِنَّمَا يكون مطابقا
للسؤال وَلذَلِك لم يُؤَكد النَّفْي فِيهِ بالأبدية وأحيل على النّظر
إِلَى تجلي الْآيَات للجبل
(1/153) وَهَذَا
كَمَا قيل فِي ثمَّ إِنَّهَا لما اخْتصّت بِزِيَادَة فِي لَفظهَا على
الْفَاء اخْتصَّ مَعْنَاهَا بِزِيَادَة المهلة دون الْفَاء لِأَن كَثْرَة
الْحُرُوف مؤذنة بِكَثْرَة الْمَعْنى وبحسب المذهبين أولُوا الْآيَتَيْنِ
فِي قَوْله تَعَالَى {وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} {وَلَا يتمنونه أبدا}
(1/154) وليعلم
أَنَّهُنَّ وَإِن كن أَخَوَات فِي الِاشْتِرَاك فِي النَّفْي لكنهن
أَخَوَات علات تتباين فِي نِسْبَة النَّفْي بِأَسْبَاب وعلامات
(1/155) كَقَوْلِه
لَا كَبرت سنك وَمَا هُوَ مُتَرَدّد بَين معنى الدُّعَاء وَالنَّفْي
كَقَوْلِه لَا صَامَ وَلَا أفطر يَعْنِي من صَامَ الدَّهْر وَلنْ تَأتي
لتأكيد
(1/156) نفي
الْمُسْتَقْبل كَمَا مر
(1/157) وَصلى
الله على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد الَّذِي إرْسَاله رَحْمَة وَقَوله
حِكْمَة وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
(1/158)
|
|