منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل
الكتاب: منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل
مقدمة
(1/5) أما بعد:
(1/6)
المراد بأهل
السنة والجماعة وبيان طريقهم
(1/7) ولا تكاد
ترى طائفة سواهم إلا وهم بعيدون عن السنة بقدر ما ابتدعوا في دين الله
سبحانه وتعالى، ولا تجد فرقة غيرهم إلا وجدتهم فرقة متفرقين فيما هم عليه
من النحلة.
(1/8) أولاً:
بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته مع أمثلة توضح
تلك الطريقة:
(1/8) ظنوا أنهم
إذا أثبتوا تلك النصوص، أو تلك الأسماء والصفات على مظاهرها ظنوا أن ذلك
إثبات للتمثيل، ولهذا صاروا يحرفون الكلم عن مواضعه، وقد يكونون ممن لم
يفهموا هذا الفهم ولكن لهم سوء قصد في تفريق هذه الأمة الإسلامية شيعاً
كل حزب بما لديهم فرحون.
(1/9) فإن أي
إنسان يقول: إن من أسماء الله كذا، أو ليس من أسماء الله، أو أن من صفات
الله كذا، أو ليس من صفات الله بلا دليل لأنه لاشك قول على الله بلا علم
وقد قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ
سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}
[الأعراف: 33] .
(1/10) ونحن هنا
نضرب مثلاً:
(1/11) فإن الله
تبارك وتعالى يسمعه، وسوف ينبئك بما كنت تقول في يوم القيامة.
(1/12) ونضرب
مثلاً بـ "الحي":
(1/13) مثال ذلك:
أثبت الله تبارك وتعالى لنفسه أنه استوى على عرشه. وهو يخاطبنا بالقرآن
النازل باللسان العربي المبين وكل الناس الذين لهم ذوق في اللغة العربية
يعلمون معنى استوى في اللغة العربية.
(1/14) فهو علو
خاص بالعرش، ليس العلو المطلق على جميع المخلوقات، بل هو علو خاص ولهذا
نقول في قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:54] . أي علا
واستقر على وجه يليق بجلاله وعظمته، وليس كاستواء الإنسان على البعير
والكرسي مثلاً؛ لأن استواء الإنسان على البعير والكرسي استواء مفتقر إلى
مكانه الذي يستوي عليه، أما استواء الله جل ذكره فإنه ليس استواء مفتقر،
بل إن الله تبارك وتعالى غني عن كل شيء، كل شيء مفتقر إلى الله، والله
تبارك وتعالى غني عنه.
(1/15) البدع على
تحريف النصوص من أجل هذا الأمر الذي يجعله الشيطان في قلوب الناس – ألا
وهو تخيل كيفية صفة من صفات الله، أو تخيل كيفية ذات الله عز وجل.فاعلم
أنه لا يجوز أبداً أن يتخيل كيفية ذات ال له، أو كيفية صفة من صفاته،
واعلم أنك إن تخيلت أو حاولت التخيل فإنك لابد أن تقع في أحد محذورين:
أما التحريف والتعطيل، وإما التمثيل والتشبيه.
(1/16) وإن تخيله
على وصف مقارب بمثيل فقد مثل الله والله سبحانه وتعالى يقول: {لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] .
(1/17) ثانياً:
طريقة أهل السنة والجماعة في عبادة الله
(1/17) ما يعبدون
الله لأن فلاناً يراهم، وما يعبدون الله لأنهم يعظمون بين الناس، ولا
يعبدون الله لأنهم يلقبون بلقب العابد لكن يعبدون الله لله.
(1/18) في دينه
والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا
الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] .
(1/19) لقد كفر
بعض الناس ببعض في أمور لا تخرج الإنسان إلى الكفر ولكن الهوى أصمهم
وأعمى أبصارهم.
(1/20) فإن قال:
إن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة ولذلك لم يشرعها.
(1/21) وعلى كل
حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو
فعلي فإنه ضال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة1".
(1/22) يده
فوضعها بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة
فله أجرها وأجر من عمل بها". وبهذا عرفنا المراد أن من سنها ليس من شرعها
لكن من عمل بها أولاً لأنه بذلك أي بعمله أولاً يكون هو إماماً للناس
فيها فيكون قدوة خير وحسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم
القيامة.
(1/23) فهذه
الوسيلة طبعاً تتجدد بتجدد الزمن وتختلف باختلاف العصور، ها هو قوله عز
وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60]
.
(1/24) ولدينا
ولله الحمد آية نتلوها في كتاب الله. وهي قوله تعالى: {الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} [المائدة:3] .
(1/25) بل في
القرآن قبل ذلك. قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا
سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ
مُشْرِكُونَ} [النحل:99- 100] .
(1/26) كلا
بالطبع. والملك العظيم، ملك الملوك، وخالق الخلق جعل طريقاً إليه خاصاً
بما جاءه به رسله وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بعد
بعثه لا يمكن لأي بشر أن ينال السعادة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم.
(1/27)
ثالثا: طريقة
أهل السنة والجماعة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم
(1/28) ومن قال
ذلك لكن لم يتبعه في شريعته فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله.
وكيف تخالفه وأنت تعتقد بأنه رسول رب العالمين وأن شريعة الله هو ما جاء
به؟!.
(1/29) فهم يحبون
الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه رسول رب العالمين. ومحبتهم له من محبة
الله تبارك وتعالى، ولولا أن الله أرسل محمداً بن عبد الله القرشي
الهاشمي لكان رجلاً من بني هاشم لا يستحق هذه المرتبة التي استحقها
بالرسالة.
(1/30) فيقول:
"أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً1".
(1/31) وما هي
وظيفته؟
(1/32) إذن
الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله ولا يملك
لنفسه ضراً ولا نفعاً بل ولا لغيره أيضاً {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ
لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} [الجن: 21] . {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي
مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} [الجن:22]
.
(1/33) الجواب
الأول: أن نمنع أن يكون طريق أهل السنة في ذلك تأويلا، لأن التأويل في
اصطلاح النتأخرين – وهو الذي يعنيه هؤلاء – هو صرف اللفظ عن ظاهره.
(1/34) استعملت
هذه الكلمة في غير هذا الموضع لمعنى آخر، فإن استعمالها في هذا الموضع
للمعنى الذي دل عليه السياق هو في الواقع حقيقتها. هذا جواب.
(1/35)
رابعا: طريقة
أهل السنة والجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم
(1/36) قد يكون
أفضل من غيره على سبيل العموم والإطلاق ويكون في غيره خصلة هو أفضل منه
فيها. وأهل السنة والجماعة يقولون: إن أفضل الصحابة الخلفاء الأربعة،
وأفضلهم أبوبكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي يرتبونهم في الفضل حسب ترتيبهم
في الخلافة، ولكن لا يلزم من كون أبي بكر أفضل الصحابة ألا يتميز أحد من
الصحابة عن أبي بكر بمنقبة خاصة.
(1/37) وذلك
لاختلاف حرف الجر الذي تعلق ب"استوى" في قوله: {اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْشِ} [الأعراف:54] وفي قوله: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}
[البقرة:29] ، وإذا قلنا بالقول الثاني الذي هو مروي عن ابن عباس وأكثر
المفسرين بأنه ارتفع، فإنه لا يجوز لنا أن نتوهم بأن الله تعالى لم يكن
عاليا من قبل.
(1/38) مطابقة،
أو دلالة تضمن، أو دلالة التزم، وكل من الدلالات لا يخرج اللفظ عن ظاهره.
(1/39) خامساً:
طريقة أهل السنة والجماعة في حق الأولياء والأئمة
(1/40) المعجزة
لأن الآية معناها العلامة على صدق ما جاء به هذا الرسول، والمعجزة قد
تكون على يد مشعوذ أو على يد إنسان قوي يفعل ما يعجز عنه غيره، لكن
التعبير بـ "الآية" أبلغ وأدق وهي التعبير القرآني فنسمي المعجزات
بالآيات هذا هو الصواب.
(1/41) سادساً:
طريقة أهل السنة والجماعة في الإصلاح في المجتمع
(1/41) كما يشير
إليه قول الله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ
لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:104- 105] .
(1/42) ولكن
طريقة أهل السنة والجماعة في هذا الباب العظيم الذي فضلت فيه هذه الأمة
على غيرها أنهم يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مقومات المجتمع
الإسلامي.
(1/43) وإذا
رأينا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وجدنا أن هذه طريقته دخل رجل يوم
الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم، يخطب وجلس فقال النبي صلى الله عليه
وسلم، "أصليت؟ " قال لا. قال: "فقم فصل ركعتين"
(1/44) ثالثاً:
أن لا يترتب على فعل المعروف ما هو منكر أعظم مفسدة من منفعة المعروف،
فإن ترتب على فعل المعروف منكر هو أشد ضرراً من المنفعة الحاصلة بهذا
المعروف إن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح، وهذه الكلمة المعروفة هي
القاعدة التي دل عليها القرآن ليست أيضاً على إطلاقها أي أنه ليست كل
مفسدة درؤها أولى من جلب مصلحة، بل إذا تكافئت مع المصلحة فدرء المفسدة
أولى، وإذا كانت أعظم من المصلحة فدرء المفسدة أولى، والله سبحانه وتعالى
يقول: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108] .
(1/45) أما إذا
كانت المفسدة تنغمر في جانب المصلحة، فإننا نفضل المصلحة ولا يهمنا وهذا
عليه شيء كثير من أحكام الله الشرعية والكونية. فمثلاً:
(1/46) سابعاً:
قول أهل السنة والجماعة في الإيمان
(1/47) والضرورة
العقلية تقتضي أن كل ما ثبت أنه يزيد فهو ينقص إذ لا تعقل الزيادة بدون
نقص
(1/48) رجل أخبر
بخبر أخبره رجل واحد حصل عنده شيء من هذا الخبر فإذا جاء ثان إزداد قوة
فيه، وإذا جاءه الثالث ازداد قوة وهلم،
(1/49)
|
|